إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه

          2183- 2184- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) نسبه إلى جدِّه لشهرته به، واسم أبيه: عبد الله المخزوميُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين وفتح القاف، ابن خالد بن عَقيل _بفتح العين_ الأَيْليِّ بفتح الهمزة وسكون التَّحتيَّة (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) / محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ)‼ أبيه (عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ☻ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ) بالمثلَّثة وفتح الميم (حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ) بغير ألفٍ بعد واو «يبدو» للنَّاصب، أي: يظهر، وبدوُّ الصَّلاح في كلِّ شيءٍ هو صيرورته إلى الصِّفة التي تُطلَب فيه غالبًا، ويأتي بيانه _إن شاء الله تعالى_ في «باب بيع الثِّمار قبل أن يبدو صلاحها» [خ¦2193] (وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ) الأوَّل بالمثلَّثة، والثَّاني بالمثنَّاة. (قَالَ سَالِمٌ) بالإسناد السَّابق: (وَأَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ) بن عمر بن الخطَّاب (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ) أي: بعد النَّهي عن بيع الثَّمر بالتَّمر (فِي بَيْعِ العَرِيَّةِ) بكسر الرَّاء وتشديد التَّحتيَّة، واحد العرايا؛ وهي أن تخرص نخلاتٌ، فيكون رُطَبها إذا جفَّت ثلاثة أوسقٍ مثلًا (بِالرُّطَبِ) على الأرض (أَوْ بِالتَّمْرِ) بالمثنَّاة (وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي غَيْرِهِ) مقتضاه جواز بيع الرُّطب على النَّخل بالرُّطب على الأرض، وهو وجهٌ عند الشَّافعيَّة، فتكون «أو» للتَّخيير، والجمهور على المنع، فيتأوَّلون هذه الرِّواية بأنَّها من شكِّ الرَّاوي أيُّهما قال النَّبيُّ صلعم ، وما في أكثر الروايات يدلُّ على أنَّه إنَّما قال: التَّمر، فلا يُعَوَّل على غيره، وقد وقع عند النَّسائيِّ والطَّبرانيِّ من طريق صالح بن كيسان، والبيهقيِّ من طريق الأوزاعيِّ عن الزُّهريِّ ما يؤيِّد أنَّ «أو» للتَّخيير لا للشَّكِّ، ولفظه: بالرُّطب وبالتَّمر، وقيس العنب بالرُّطب بجامع أنَّ كلًّا منهما زكويٌّ يمكن خرصه ويُدَّخَر يابسُه، وكالرُّطب البُسْر(1) بعد بدوِّ صلاحه؛ لأنَّ الحاجة إليه كهي إلى الرُّطب، ذكره الماورديُّ والرُّويانيُّ، وأمَّا غير الرُّطب والعنب من الثِّمار التي تُجَفَّف كالمشمش وغيره فلا يجوز؛ لأنَّها متفرِّقةٌ مستورةٌ بالأوراق، فلا يتأتَّى الخرص فيها، بخلاف ثمرة النَّخل والكرم فإنَّها متدلِّيةٌ ظاهرةٌ.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ.


[1] «البسر»: ليس في (ص).