الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الزكاة على الأقارب

          ░44▒ (بَابٌ): يجوز فيه التنوين فما بعده مبتدأ وخبر، أو خبره مقدر بنحو: أفضل (الزَّكَاةُ عَلَى الأَقَارِبِ): أي: استحبابُ تفريقها أو صرفها عليهم، قيل: ذلك من الصِّلة أيضاً، والمرادُ بهم: من لا تجبُ على / المزكي نفقتُهُم.
          (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: لَهُ): أي: المتصدِّقُ (أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ): وسقط لأبي ذرٍّ لفظ: <أجر> فيصير التَّركيبُ: <له أجران: القرابة والصدقة>وسقط من بعض النسخ: <أجر> الثاني.
          قال في ((الفتح)): هذا طرفٌ من حديثٍ فيه قصَّةٌ لامرأةِ ابن مسعودٍ، وسيأتي موصولاً بعد ثلاث في حديثِ زينب، لكن بلفظ: ((لها)).
          قال الزين بن المُنِير: وجهُ استدلاله لذلك بأحاديث الباب: أنَّ صدقةَ التَّطَوُّع على الأقارب لما لم ينقصْ أجرها بوقوعها موقع الصدقة والصلة معاً كانت صدقةُ الواجب كذلك، لكنْ لا يلزمُ من جواز صدقة التطوع على من يلزم المرء نفقتهُ أن تكونَ الصَّدقةُ الواجبةُ كذلك.
          وقد اعترضهُ الإسماعيليُّ بأنَّ الذي في الأحاديثِ التي ذكرها مطلق الصَّدقةِ لا الصَّدقةُ الواجبة، فلا يتمُّ استدلاله إلا إن أراد الاستدلالَ على أنَّ الأقاربَ في الزكاة أحقُّ بها، إذ رأى النَّبيُّ صلعم صرف الصَّدقة المتطوَّعِ بها إلى الأقاربِ أفضل، فلذلك حينئذٍ له وجهٌ.
          وقال ابن رشيد: قد يؤخذُ ما اختاره المصنف من حديثِ أبي طلحة فيها فهمهُ من الآية، وذلك أنَّ النَّفقة في قوله: {حَتَّى تُنْفِقُوا} [آل عمران:92] أعمُّ من أنْ يكونَ واجباً أو مندوباً، فعملَ بها أبو طلحة في فردٍ من أفراده، فيجوزُ أن يعملَ بها في بقيَّةِ مفرداته، ولا يُعارضها قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية [التوبة:60] لأنها تدلُّ على حصر الصَّدقةِ الواجبة في المذكورين، وأما صنيعُ أبي طلحة فيدلُّ على تقديم ذوي القربى إذا اتَّصفوا بصفةٍ من صفات أهل الصَّدقةِ على غيرهم.