إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف

          2118- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”حدَّثني“ (مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ) بفتح الصَّاد المهملة وتشديد المُوحَّدة، ابن سفيان الدَّولابيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ) أبو زيادٍ الأسديُّ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ) بضمِّ السِّين المهملة وسكون الواو وبالقاف، أبي بكرٍ الغَنَويِّ الكوفيِّ، من صغار التَّابعين (عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ) أنَّه (قَالَ‼: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ ╦ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : يَغْزُو) بالغين والزَّاي المعجمتين، أي: يقصد (جَيْشٌ الكَعْبَةَ) لتخريبها (فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ) ولمسلمٍ عن أبي جعفرٍ الباقر: هي بيداء المدينة (يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ) وزاد التِّرمذيُّ في حديث صفيَّة: «ولم ينجُ أوسطهم» ولمسلمٍ في حديث حفصة: «فلا يبقى إلَّا الشَّريد(1) الذي يُخبِر عنهم». (قَالَتْ) عائشة: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟) جمع سوقٍ، وعليه ترجم المؤلِّف، والتَّقدير: أهل أسواقهم الذين يبيعون ويشترون كما في المدن، وفي «مستخرج أبي نُعيمٍ»: «وفيهم أشرافهم» بالمعجمة والرَّاء والفاء، وفي رواية محمَّد بن بكَّارٍ عند الإسماعيليِّ: «وفيهم سواهم» بدل «أسواقهم»، وقال: رواه البخاريُّ: أسواقهم، أي: بالقاف، وأظنُّه تصحيفًا، فإنَّ الكلام في الخسف بالنَّاس لا بالأسواق، وتعقَّبه في «فتح الباري» بأنَّ لفظ: «سواهم» تصحيفٌ، فإنَّه بمعنى قوله: ومن ليس منهم، فيلزم منه التَّكرار بخلاف رواية البخاريِّ، ويحتمل أن يكون المراد بالأسواق هنا: الرَّعايا، قال ابن الأثير: السُّوقة من النَّاس الرَّعيَّة ومَنْ دون المَلِك، وكثيرٌ من النَّاس يظنُّون السُّوقة أهل الأسواق. انتهى(2). قال في «اللَّامع» كـ «التَّنقيح»: لكن هذا يتوقَّف على أنَّ السُّوقة(3) يُجمَع على «أسواقٍ»، وذكر / صاحب «الجامع»: أنَّها تُجمَع على «سُوَقٍ» كـ «قُثَمٍ»، قال في «المصابيح»: لكنَّ البخاريَّ إنَّما فهم منه أنَّه جمع سوقٍ الذي هو محلُّ البيع والشِّراء، فينبغي أن يُحرَّر النَّظر فيه. انتهى. ونبَّه به على أنَّ حديث: «أبغض البلاد إلى الله أسواقها» المرويَّ في مسلمٍ ليس من شرطه، وفي رواية مسلمٍ: فقلنا: إنَّ الطَّريق تجمع النَّاس؟ قال: «نعم، فيهم المستبصر» أي: المستبين لذلك، القاصد للمقاتلة(4) «والمجبور» _بالجيم والمُوحَّدة_ أي: المُكرَه «وابن السَّبيل»، أي: سالك الطَّريق معهم وليس منهم، والغرض أنَّها استشكلت وقوع العذاب على من لا إرادة له في القتال الذي هو سبب العقوبة (قَالَ) ╕ مجيبًا لها: (يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ) لشؤم الأشرار (ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) فيُعامَل كلُّ أحدٍ(5) عند الحساب بحسب قصده، وفيه: التَّحذير من مصاحبة أهل الظُّلم ومجالستهم.
           وأخرجه مسلمٌ من وجهٍ آخر عن عائشة ♦ .


[1] في (د): «الرَّشيد»، وهو تحريفٌ.
[2] «انتهى»: ليس في (د).
[3] في (د): «سوقة».
[4] في (د): «المقاتلة».
[5] في (د): «كلُّ واحدٍ منهم».