إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا

          2107- وبه قال: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ) هو ابن الفضل المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ) بن عبد المجيد الثَّقفيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى) هو الأنصاريُّ، زاد أبو ذرٍّ: ”ابن سعيدٍ“ (قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: إِنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا) بنصب المتبايعين بالياء: اسم «إنَّ»، ولابن عساكر: ”إنَّ المتبايعان“ بالألف، وعزاها ابن التِّين للقابسيِّ، وهي(1) على لغة من أجرى المُثنَّى بالألف مطلقًا، وسقط لفظ «قال» لأبي ذرٍّ (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) بالأبدان عن مكانهما الذي تبايعا فيه، فيثبت لهما خيار المجلس، و«ما»: مصدريَّةٌ، يعني: أنَّ الخيار ممتدٌّ زمن عدم تفرُّقهما، وقيل: المراد التَّفرُّق بالأقوال، وهو الفراغ من العقد(2)، فإذا تعاقدا صحَّ البيع ولا خيار لهما إلَّا أن يشترطا، وتسميتهما بالمتبايعين يصحُّ أن يكون بمعنى: المتساومين، من باب: تسمية الشَّيء بما يؤول إليه أو يقرب منه، وفيه بحثٌ يأتي _إن شاء الله تعالى_ في «باب البيِّعان بالخيار» [خ¦2111] وفي رواية النَّسائيِّ: «ما لم(3) يفترقا» بتقديم الفاء، ونقل ثعلبٌ عن المُفضَّل بن سلمة(4): افترقا بالكلام وتفرَّقا بالأبدان، وردَّه ابن العربيِّ‼ بقوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[البينة:4] فإنَّه ظاهرٌ في التَّفرُّق بالكلام لأنَّه بالاعتقاد، وأُجيب بأنَّه من لازمه في الغالب؛ لأنَّ من خالف آخر في عقيدته، كان مستدعيًا لمفارقته إيَّاه ببدنه، قال في «الفتح»: ولا يخفى ضعف هذا الجواب، والحقُّ حمل كلام المُفضَّل على الاستعمال بالحقيقة، وإنَّما استُعمل أحدهما في موضع الآخر اتِّساعًا (أَوْ يَكُونَُ البَيْعُ خِيَارًا) برفع «يكونُ» كما في الفرع، وفي(5) غيره: بالنَّصب، فتكون كلمة «أو» بمعنى «إلَّا» أي: إلَّا أن يكون البيع بخيارٍ بأن يخيِّر البائع المشتري بعد تمام العقد، فليس له خيارٌ في الفسخ وإن لم يتفرَّقا. (وَقَالَ نَافِعٌ) مولى ابن عمر بالإسناد السَّابق: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ) الذي اشتراه(6) منه / ليلزم العقد.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ في «البيوع».


[1] «وهي»: ليس في (ص).
[2] في (د1): «الأقوال».
[3] «ما لم»: ليس في (د).
[4] في (م): «مسلمة»، وهو تحريفٌ.
[5] «في»: ليس في (ص).
[6] في (د): «اشترى».