مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول: لا حول ولا قوة إلا بالله

          ░67▒ باب قول الرجل: لا حول ولا قوة إلا بالله
          فيه حديث أبي موسى: أخذ النبي صلعم في عقبة الحديث.
          الثنية من الأرض كالمرتفع.
          فإن قلت: أي أنواع الذكر أفضل، فإن ذلك أنواع كثيرة منها: التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير؟ قلت: أفضلها التهليل كما مر، فإنه أشرف الكلام، ولا يصح لأحد العمل إلا بها، ولا إيمان إلا بالإقرار بها.
          وقد روى أبو هريرة، عن رسول الله: ((الإيمان بضع وسبعون خصلة أكبرها شهادة أن لا إله إلا الله، وأصغرها إماطة الأذى عن الطريق)).
          فإن قلت: فما معنى قوله للذي رفع صوته بها: ((ألا أدلك على كذا)) وعلمه ذلك، ولا إله إلا الله تغني عن غيرها، وهي المنجية من النار؟
          قلت: كان ◙ معلماً لأمته، وكان لا يراهم على حالة من الخير إلا أحب لهم الزيادة عليها، فأحب الذي رفع صوته بكلمة الإخلاص والتوحيد أن يردفها بالتبري من الحول والقوة، وإلقاء القدرة إليه، فيكون قد جمع مع التوحيد الإيمان بالقدر.
          وقد جاء هذا المعنى في حديث عبد الله بن بابا المكي السالف: فإذا كبر فهي كلمة تملأ ما بين السماء والأرض، فإذا سبح فهي صلاة الخلائق، التي لم يدع الله أحداً حتى قرره بالصلاة والتسبيح، وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: استسلم عبدي.
          وروي عن سالم بن عبد الله، عن أبي أيوب الأنصاري أنه ◙ ليلة أسري به مر على إبراهيم خليل الله، فقال: ((مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة)) قال له ◙: ((وما غراس الجنة؟)) قال: ((لا حول ولا قوة إلا بالله)).
          ومن حديث جابر مرفوعاً: ((أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها تدفع تسعة وتسعين أذًى، أدناها الهم)).
          وقال مكحول: من قالها كشف عنه سبعون باباً من الضر، أدناها الفقر.
          ومعنى: لا حول ولا قوة إلا بالله: لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بالله، قال ◙: ((كذلك أخبرني جبريل عن الله)).
          وعن علي: إنا لا نملك مع الله شيئاً، ولا نملك من دونه شيئاً، ولا نملك إلا ملكنا ما هو أملك به منا. وحكى أهل اللغة أن معنى لا حول: لا حيلة، يقال: ما للرجل حيلة ولا حول ولا احتيال ولا محتال ولا محالة ولا محال.