مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: يستجاب للعبد ما لم يعجل

          ░22▒ باب يستجاب للعبد ما لم يعجل
          فيه حديث أبي هريرة أن رسول الله صلعم قال: ((يستجاب لأحدكم)) الحديث.
          معنى: (ما لم يعجل) يسأم الدعاء ويتركه، فيكون كالمانِّ بدعائه، وأنه قد أتى من الدعاء ما كان يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل لرب كريم لا تعجزه الإجابة، ولا ينقصه العطاء، ولا تضره الذنوب.
          وقالت عائشة في هذا الحديث: ((ما لم يعجل أو يقنط)).
          وقال بعضهم: إنما يعجل العبد إذا كان غرضه من الدعاء نيل ما سأل، فإذا لم ينل ما يريد ثقل عليه الدعاء، ويجب أن يكون غرض العبد من الدعاء هو الدعاء لله والسؤال منه والافتقار إليه أبداً، ولا يفارق سمة العبودية وعلامة الرق، والانقياد للأمر والنهي، والاستسلام لربه تعالى بالذلة والخشوع؛ فإن الله تعالى يحب الإلحاح في الدعاء، وقال بعض السلف: لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة. وذلك أن الله تعالى يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] فقد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، وهو لا يخلف الميعاد.
          وقال ابن الجوزي: / اعلم أن الله تعالى لا يرد دعاء المؤمن غير أنه قد تكون المصلحة في تأخير الإجابة، وقد لا يكون ما سأله مصلحة في الجملة فيعوضه عنه ما يصلحه، وربما أخر تعويضه إلى يوم القيامة، فينبغي للمؤمن أن لا يقطع المسألة لامتناع الإجابة، فإنه بالدعاء متعبد، وبالتسليم إلى ما يراه الحق تعالى مصلحة مفوض.