مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب دعوة النبي لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله

          ░26▒ باب دعوة النبي صلعم لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله(1)
          فيه أنس: قالت أمي: الحديث.
          وترجم عليه فيما سيأتي باب: الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة. ثم ترجم عليه: باب: الدعاء بكثرة الولد مع البركة.
          فأما ما ترجم له فهو ظاهر خلا طول العمر؛ فلم يذكر فيه هنا وإن كان ورد، ويؤخذ أيضاً من دعوته بكثرة الولد؛ دعاء له بطول العمر، ويدخل أيضاً في قوله: ((وبارك له فيما أعطيته)) والعمر مما أعطاه.
          فأما كثرة ماله فكانت نخله تطرح في السنة مرتين، وأما كثرة ولده فهو أحد الصحابة الذين لم يموتوا حتى رأوا من صلبهم مائة ولد ذكر، وقد قال عن نفسه: أحصيت أنه دخل من بطني(2) الأرض إلى مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة نسمة وولد له بعد قدومه أولاد؛ ببركة دعائه ◙.
          وأما عمره فجاوز المائة كما سلف. ودعا له بالمغفرة وترجى له.
          فإن قلت: فما معنى دعائه له بطول العمر وقد علم أن الآجال لا يزاد فيها ولا ينقص منها على ما كتب في بطن أمه؟ قيل: معناه والله أعلم أن الله تعالى يكتب أجل عبده إن أطاعه واتقاه كذا وإلا كان أقل منه. يوضحه قوله تعالى في قصة نوح حين قال لقومه: {اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ. يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} [نوح:3-4]. أي قضى به لكم إذا أطعتم، فإن عصيتم لم يؤخركم إلى ذلك الأجل، وكل قد سبق في علمه مقدار آخره على ما يكون من فعله.
          قال ابن قتيبة: ومثله ما روي أن الصدقة تدفع القضاء المبرم وأن الدعاء يدفع البلاء. وقد ثبت أنه لا راد لقضاء الله(3)، ومعنى ذلك أن المرء قد يستحق بالذنوب قصاص العقوبة، فإن هو تصدق دفع عن نفسه ما استحق من ذلك، يوضحه قوله: ((إن صدقة السر تطفئ غضب الرب)).
          أفلا ترى أن من غضب الله عليه فقد تعرض لعقابه فإذا / زال ذلك الغضب بالصدقة زال العقاب، وكذلك الدعاء يرفع إلى الله فيوافق البلاء نازلاً من السماء فيزيله ويصرفه، وكل ذلك قد جرى به القلم في علم الله أنه إن تصدق أو دعا صرف عنه غضب الله وبلاؤه.
          وفي هذا الحديث حجة لمن فضل الغنى على الفقر، وسيأتي في الرقاق.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: وذكر عن المهلب أنه سقط من ظهره إلى الأرض سبعمائة ولد)).
[2] في هامش المخطوط: في (ط): ((ظهري)).
[3] في هامش المخطوط: ((أقوله: ومثله صلة الرحم تزيد في العمر وفي الحديث الصدقة.... ويوضحه قصة القصار في زمن موسى الذي اشتكى بنو إسرائيل منه إلى موسى القصة معروفة مشهورة)).