مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا بات طاهرًا

          ░6▒ باب إذا بات طاهراً وفضله
          فيه حديث البراء قال: قال رسول الله: ((إذا أتيت مضجعك)) الحديث.
          هذا الحديث أخرجه (خ)، عن مسدد، ثنا معتمر سمعت منصوراً، عن سعد بن عبيد، حدثني البراء.
          قال الإسماعيلي: رواه إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن الحكم، عن سعد بن عبيدة.
          ومعنى: (إذا أتيت مضجعك) يعني: إذا أردت النوم فيه، وهو بفتح الهمز، والمقصود: النوم على طهارة، فإن كان على طهارة كفاه، وفائدته: مخافة أن يموت في ليلته فيموت على طهارة؛ أصدق لرؤياه، وأبعد من لعب الشيطان به في منامه، وترويعه إياه.
          وقد بين ابن عباس معنى المبيت على طهارة، فيما ذكره عبد الرزاق، بسنده عن مجاهد يقول: قال لي ابن عباس: لا تنامن إلا على وضوء؛ فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه.
          وهذا معنى: ((فإن مت مت على الفطرة)).
          وذكر عن الأعمش أنه قال: ثم تيمم بالجدار، فقيل له في ذلك، فقال: إني أخاف أن يدركني الموت، قبل أن أتوضأ.
          وعن الحكم بن عتيبة أنه سأله رجل: أينام الرجل على غير وضوء؟ قال: يكره ذلك، وإنا لنفعله.
          والاضطجاع على الأيمن لشرفه، وكان يحب التيامن، ولأنه أسرع / إلى الانتباه.
          قوله: (أسلمت وجهي إليك) وروي: ((نفسي)) أي: استسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك، والوجه والنفس هنا بمعنى الذات كلها يقال: أسلم وسلم واستسلم بمعنى.
          ومعنى: (ألجأت ظهري إليك) توكلت عليك واعتمدتك في أمري كله، كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده.
          قوله: (رغبة ورهبة) أي: طمعاً في ثوابك وخوفاً من عقابك، و(الفطرة) الإسلام.
          واختلف في سبب إنكاره على قائل: (ورسولك) فقيل: لأن قوله: (برسولك) يحتمل غيره من حيث اللفظ كجبريل وغيره من الملائكة. وفيه بعد؛ لأن الرسول يتضمن النبوة. واختيار المازري وغيره؛ أن سببه أنه ذكر ودعاء فينبغي فيه الاقتصار على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحي إليه هذه الكلمات، فيتعين أداؤها بحروفها.
          وقيل: لأن قوله: ((ونبيك الذي أرسلت)) فيه جزالة من حيث صنعة الكلام، وفيه جمع للنبوة والرسالة فإذا غيره فات هذان الأمران مع ما فيه من تكرير لفظ رسول وأرسلت، وأهل البلاغة يعيبونه، والمعروف أن الرسالة من لازمها النبوة بخلاف العكس.
          وقال الداودي: في الأول جمع بينهما بخلاف ما إذا قال: ورسولك وقد ذكر الله بقوله: {وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا} [مريم:51] قال: ويظهر لي ثم ذكر الأول.
          واحتج بعض العلماء بهذا الحديث على منع الرواية بالمعنى، وأجاب المجوزون عنه بأن المعنى يختلف. ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى.