مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «من آذيته فاجعله له زكاةً ورحمة»

          ░34▒ باب قول النبي صلعم: ((من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة))
          فيه حديث أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلعم يقول: الحديث.
          هذا الحديث يصدقه ما ذكره الله في كتابه من صفة رسول الله في قوله: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} إلى قوله: {رَّحِيمٌ} [التوبة:128] وهو ◙، لا يسب أحداً ولا يؤذيه ظالماً له، وإنما يفعل من ذلك الواجب في شريعته، وقد يدع الانتقام لنفسه لما جبله الله عليه من العفو وكرم الخلق.
          ومعنى هذا الحديث التأنيس للمسبوب؛ لئلا يستولي عليه الشيطان، ويقنطه، ويوقع بنفسه أن سيلحقه من ضرر سبه ما يحبط به عمله، إذ سبه دعاء على المسبوب، ودعاؤه مجاب، فسأل الله أن يجعل سبه للمؤمنين قربة عنده يوم القيامة، وصلاة ورحمة، ولا يجعله نقمة، ولا عذاباً، وهذا مما خص به، فإنه كان يسب على جهة التأديب غير أنه لا يتجاوز، وربما كان شمه دعاء يستجاب له، فجعل عوضاً من ذلك دعاؤه لمن دعا عليه ليكون الفضل إليه.