إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة

          2227- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، وفي بعض الأصول: ”حدَّثنا“ (بِشْرُ ابْنُ مَرْحُومٍ) بكسر الموحَّدة وسكون الشِّين المعجمة، ومَرْحُوم: بفتح الميم وسكون الرَّاء وضمِّ الحاء المهملة، وهو بشر بن عُبَيسٍ _بضمِّ العين وفتح الموحَّدة وآخره سينٌ مهملةٌ_ ابن مرحوم بن عبد العزيز بن مهران العطَّار البصريُّ، مولى آل(1) معاوية بن أبي سفيان قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ) بضمِّ السِّين وفتح اللَّام، القرشيُّ الطَّائفيُّ، وتُكُلِّم فيه، والتَّحقيق أنَّ الكلام فيه إنَّما هو في روايته عن عبيد(2) الله بن عمر خاصَّةً، وليس له في البخاريِّ موصولًا إلَّا هذا الحديث، وقد ذكره في «الإجارة» [خ¦2270] من وجهٍ آخر (عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ) بن عمرو بن سعيد بن العاصي الأمويِّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ)‼ المقبريِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: قَالَ اللَّهُ) ╡: (ثَلَاثَةٌ) أي: من النَّاس (أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي) أي: أعطى العهد باسمي واليمين بي، وذِكْرُ الثَّلاثةِ ليس للتَّخصيص؛ لأنَّه سبحانه وتعالى خصمٌ لجميع الظَّالمين، ولكنَّه أراد التَّشديد على هؤلاء الثَّلاثة، والخصم يقع على الواحد فما فوقه والمذكَّر والمؤنَّث بلفظٍ واحدٍ (ثُمَّ غَدَرَ) نقض العهد الَّذي عليه ولم يفِ به (وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا) عالمًا متعمِّدًا (فَأَكَلَ ثَمَنَهُ) وخصَّ الأكل بالذِّكر؛ لأنَّه أعظم مقصودٍ، وفي حديث عبد الله بن عمر عند أبي داود مرفوعًا: «ورجلٌ اعتبد محرّرًا»، وهو أعمُّ من الأوَّل في الفعل، وأخصُّ منه في المفعول به، واعتباد الحرِّ _كما قاله الخطابيُّ_ يقع بأمرين: إمَّا بأن يعتقه ثمَّ يكتم ذلك أو يجحده، وإمَّا بأن يستخدمه كرهًا بعد العتق، والأوَّل أشدُّهما، قال ابن الجوزيِّ: الحرُّ عبد الله، فمن جنى عليه فخصمه(3) سيِّده (وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ) العمل (وَلَمْ يُعْطِ(4) أَجْرَهُ) بفتح الهمزة، وهذا كاستخدام الحرِّ؛ لأنَّه استخدمه بغير عوضٍ، فهو عين الظُّلم.
          وهذا الحديث من أفراد المؤلِّف ⌂ .


[1] «آل»: ليس في (د).
[2] في (د): «عبد»، وليس بصحيحٍ.
[3] في (د) و(ص): «خَصَمه»، ولعله الصواب.
[4] في (ج) و(ل): «ولم يعطه».