إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بيعًا أم عطية؟

          2216- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ قال: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ) بن طَرْخان (عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ) عبد الرَّحمن بن ملٍّ النَّهديِّ؛ بالنُّون (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق ( ☻ ) أنَّه (قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلعم ) زاد في «باب قبول الهدية من المشركين» من «كتاب الهبة» [خ¦2618](1): ثلاثين ومئة، فقال النَّبيُّ صلعم : «هل مع أحدٍ منكم طعامٌ؟» فإذا مع رجلٍ صاعٌ من طعامٍ أو نحوه، فعُجِن (ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ) قال الحافظ ابن حجرٍ: لم أعرف اسمه (مُشْعَانٌّ) بضمِّ الميم وسكون الشِّين المعجمة وبعد العين المهملة ألفٌ ثمَّ نونٌ مشدَّدةٌ، أي: طويل شَعر الرَّأس جدًّا، أو البعيد العهد بالدَّهن الشَّعِثُ، وقال القاضي: ثائر(2) الرَّأس متفرِّقه (طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ) زاد في نسخةٍ: ”له“ (النَّبِيُّ صلعم : بَيْعًا) نصبٌ على المصدريَّة، أي: أتبيع بيعًا؟ أو الحال؛ أي / : أتدفعها بائعًا؟ ويجوز الرَّفع خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي: أهذه(3) بيعٌ (أَمْ عَطِيَّةًٌ؟ أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةًٌ؟) بالنَّصب عطفًا على السَّابق، ويجوز الرَّفع كما مرَّ، والشَّكُّ من الرَّاوي (قَالَ) المشرك: (لَا) ليس عطيَّةً، أو ليس هبةً (بَلْ) هو (بَيْعٌ) أي: مبيعٌ، وأطلق البيع عليه باعتبار ما يؤول (فَاشْتَرَى) ╕ (مِنْهُ شَاةً) فيه جوازُ بيع الكافر، وإثباتُ ملكه على ما في يده، وجوازُ قبول الهديَّة منه، واختُلِف في مبايعة مَنْ غالبُ مالِه حرامٌ، واحتجَّ من رخَّص فيه بقوله صلعم للمشرك: «بيعًا أم هبة؟» وكان الحسن بن أبي الحسن لا يرى بأسًا أن يأكل الرَّجل من طعام العشَّار والصَّرَّاف والعامل، ويقول: قد أحلَّ الله تعالى طعام اليهوديِّ والنَّصرانيِّ، وقد أخبر أنَّ اليهود أكَّالون للسُّحت، قال الحسن: ما لم يعرفوا شيئًا بعينه، وقال الشَّافعيُّ: لا أحبُّ مبايعة مَنْ أكثرُ مالِه ربًا أو كسبُه مِنْ حرامٍ، فإن بُويِع لا يفسخ البيع(4).
          وهذا الحديث‼ أخرجه أيضًا في «الهبة» [خ¦2618] و«الأطعمة» [خ¦5382]، وأخرجه مسلمٌ في «الأطعمة» أيضًا.


[1] في غير (د): «الهديَّة»، وليس بصحيحٍ.
[2] في (ب) و(س): «الثَّائر».
[3] في (د): «هذا».
[4] «البيع»: مثبتٌ من (د).