إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اشتري وأعتقي فإن الولاء لمن أعتق

          2155- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة الحمصيُّ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد ابن مسلم بن شهابٍ، أنَّه قال: (قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام: (قَالَتْ عَائِشَةُ ♦ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلعم فَذَكَرْتُ لَهُ) أي: قصَّة بريرة المرويَّة في غير ما موضعٍ من «البخاريِّ»، ولفظ رواية عَمْرَةَ عنها في «باب ذكر البيع والشِّراء على المنبر في المسجد» [خ¦456] من «الصَّلاة»: أتتها بريرة تسألها في كتابتها فقالت: إن شئتِ أعطيتُ أهلك ويكون الولاء لي، وقال أهلها: إن شئتِ أعطيتِها ما بقي، وقال سفيان: إن شئتِ أعتقتِها ويكون الولاء لنا، فلمَّا جاء رسول الله صلعم ذَكَّرَتْهُ(1) ذلك (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) لعائشة: (اشْتَرِي وَأَعْتِقِي) بهمزة قطعٍ، وفي رواية عَمْرة: «ابتاعيها فأعتقيها» [خ¦456] أي: بريرة (فَإِنَّ الوَلَاءَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”فإنَّما الولاء“ أي: على العتيق (لِمَنْ أَعْتَقَ) و«الوَلاء» بفتح الواو، والمراد به هنا: وصفٌ حكميٌّ ينشأ عنه ثبوت حقِّ الإرث من العتيق الذي لا وارث له من جهة نسبٍ أو زوجيَّةٍ، أو الفاضل عن ذلك، وحقِّ العقل عنه إذا جنى، والتَّزويج للأنثى بشروطه، وقد كانت العرب تبيع هذا الحقَّ وتهبه، فنهى الشَّرع عنه؛ لأنَّ الولاء لُحمةٌ كلُحْمة النَّسب، فلا يقبل الزَّوال بالإزالة، ويُقال للمعتق بهذا الاعتبار: المولى من أعلى، وللعتيق(2) أيضًا لكن من أسفل، وهل هو حقيقةٌ فيهما أو في الأعلى(3) أو في الأسفل؟ أقوالٌ مشهورةٌ.
          (ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلعم مِنَ العَشِيِّ) وفي رواية عمرة: ثمَّ قام رسول الله صلعم على المنبر، وقال سفيان مرَّةً: فصعد رسول الله صلعم على المنبر (فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ) ╕ : (مَا بَالُ) ما شأن(4)، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ثمَّ قال: أمَّا بعد، ما بال“ (أُنَاسٍ) وحذف الفاء من «فما» على هذه الرِّواية على اللُّغة القليلة، ولأبي ذرٍّ: ”ما بال النَّاس“ ، ولعَمْرة [خ¦456]: «ما بال أقوامٍ» (يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”شرطًا“ بالإفراد (لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ) بالتَّذكير باعتبار الجنس، أو باعتبار المذكور، والمراد من «كتاب الله» حكمُ الله (مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهْوَ بَاطِلٌ) وللنَّسائيِّ: «لم يجز له» (وَإِنِ اشْتَرَطَ) له(5) (مِئَةَ شَرْطٍ) ذكر المئة للمبالغة في الكثرة (شَرْطُ اللهِ) الذي شرعه(6) (أَحَقُّ وَأَوْثَقُ) أحكم وأقوى وما سواه واهٍ، فـ «أفعل» التَّفضيل ليس على بابه(7)، وموضع التَّرجمة في «اشتري» يخاطب عائشة، والبيع والشِّراء كان في بريرة حيث اشترتها من أهلها، وصدق البيع والشِّراء هنا من النِّساء مع الرِّجال، قاله العينيُّ.
           وهذا الحديث قد سبق في «الصَّلاة» [خ¦456] كما مرَّ، وفي «باب الصَّدقة على موالي أزواج رسول الله صلعم » [خ¦1493] ويأتي _إن شاء الله تعالى بعون الله تعالى(8)_ في «البيوع» [خ¦2168] و«العتق» [خ¦2536] و«المكاتبة» [خ¦2560] و«الهبة» [خ¦2578] و«الطَّلاق» [خ¦5279] و«الفرائض» [خ¦6751] و«الشُّروط» [خ¦2717] و«الأطعمة» [خ¦5430] و«كفَّارة الأيمان(9)» [خ¦6717].


[1] في غير (د1) و(ص) و(م): «ذكرت له»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[2] في غير (ب) و(س): «وعلى العتيق».
[3] «أو في الأعلى»: ليس في (ص).
[4] زيد في (د): «أناسٍ».
[5] «له»: مثبتٌ من (د).
[6] في (م): «شرطه».
[7] في غير (د) و(ب): «بابها».
[8] في (د): «بعون الله وقوَّته».
[9] في (ص): «اليمين».