إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها

          2151- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو) بفتح العين المهملة(1)، وللمُستملي في رواية عبد الرَّحمن الهَمْدانيِّ زيادة: ”ابن جبلة“ ، وكذا قال أبو أحمد الجرجانيُّ في روايته عن الفَـِرَبْريِّ، وفي رواية أبي عليِّ بن شبُّويه عن الفَـِرَبْريِّ: ”حدَّثنا محمَّد بن عمرٍو، يعني(2) ابن جبلة “ ، وأهمله الباقون، وجزم الدَّارقُطنيُّ بأنَّه محمَّد بن عمرٍو أبو غسَّان الرَّازي، المعروف بزُنَيجٍ _بزايٍ ونونٍ وجيمٍ مُصغَّرًا_ وجزم الحاكم والكلاباذيُّ بأنَّه محمَّد بن عمرٍو السَّوَّاق البلخيُّ، قال الحافظ ابن حجرٍ في المقدِّمة: ويؤيِّده أنَّ المكِّيَّ شيخه بلخيٌّ، وقال في الشَّرح: والأوَّل أولى، قال: (حَدَّثَنَا المَكِّيُّ) بن إبراهيم، وهو من مشايخ المؤلِّف قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (زِيَادٌ) بزايٍ مكسورةٍ ومُثنَّاةٍ تحتيَّةٍ مُخفَّفةٍ، ابن سعد بن عبد الرَّحمن الخراسانيُّ: (أَنَّ ثَابِتًا) هو ابن عياض بن الأحنف (مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا) بسكون اللَّام (صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ) ظاهره: أنَّ الصَّاع في مقابلة المُصرَّاة، سواءٌ كانت واحدةً أو أكثر؛ لقوله: «من اشترى غنمًا» لأنَّه اسمٌ مُؤنَّثٌ موضوعٌ للجنس، ثمَّ قال: «ففي حلبتها صاعٌ من تمرٍ»، ونقل ابن عبد البرِّ عمَّن استعمل الحديث، وابن بطَّالٍ عن أكثر العلماء، وابن قدامة عن الشَّافعيَّة والحنابلة وعن أكثر المالكيَّة: يردُّ عن كلِّ واحدةٍ صاعًا، وقال المازريُّ: ومن المُستبشَع أن يَغْرَم متلفُ لبنِ ألفِ شاةٍ كما يَغْرَم متلفُ لبنِ شاةٍ واحدةٍ، وأُجيب بأنَّ ذلك مُغتفَرٌ بالنِّسبة إلى ما تقدَّم من أنَّ الحكمةَ في اعتبار الصَّاع قطعُ النِّزاع، فجُعل حدًّا يرجع إليه عند التَّخاصم فاستوى القليل والكثير، ومن المعلوم أنَّ لبن الشَّاة الواحدة أو النَّاقة الواحدة يختلف اختلافًا متباينًا، ومع ذلك فالمُعتبَر الصَّاعُ، سواءٌ(3) قلَّ اللَّبن أم كَثُر، فكذلك هو مُعتَبٌر، سواءٌ قلَّت المُصرَّاة أم كَثُرت. انتهى. وقال الحنفيَّة: لا نجيز(4) للمشتري أن يردَّ ما اشتراه إذا وجدها مُصرَّاةً مع لبنها، ولا مع صاع تمرٍ لفقده؛ لأنَّ الزِّيادة المنفصلة المتولِّدة عن المُصرَّاة _وهو اللَّبن_ مانعةٌ عن(5) ردِّها، وحديث أبي هريرة مخالفٌ لقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة:194].
          وهذا الحديث أخرجه أبو داود في «البيوع».


[1] «المهملة»: مثبتٌ من (ص).
[2] «يعني»: ليس في (د).
[3] «سواءٌ»: ليس في (د)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] في (ب) و(س): «يجوز».
[5] في (ج) و(ب) و(س): «من».