إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي

          2141- وبه قال: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) بكسر المُوحَّدة وسكون الشِّين المعجمة، أبو محمَّدٍ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك قال: (أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ) بن ذكوان المعلِّم (المُكْتِبُ) بسكون الكاف، من الإكتاب، ولأبي ذرٍّ: ”المكَتَّب“ بفتح الكاف وتشديد الفوقيَّة، من التَّكتيب، وهو المعروف (عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريِّ ( ☻ : أَنَّ رَجُلًا) هو أبو مذكورٍ الأنصاريُّ كما في «مسلمٍ» (أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ) اسمه يعقوب كما في «مسلمٍ» و«النَّسائيِّ» (عَنْ دُبُرٍ) بضمِّ الدَّال المهملة والمُوحَّدة، أي: قال له: أنت حرٌّ بعد موتي (فَاحْتَاجَ) الرَّجل إلى ثمنه (فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلعم فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟) فعرضه لزيادةٍ؛ ليستقصي فيه للمفلس الذي باعه عليه، وهذا يردُّ / على الإسماعيليِّ حيث قال: ليس في قصَّة المُدبَّر بيعُ المزايدة، فإنَّ بيع المزايدة(1) أن يعطي به واحدٌ ثمنًا ثمَّ يعطي به غيره زيادةً (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بضمِّ النُّون وفتح العين، النَّحَّام_بفتح النُّون والحاء المهملة(2) المُشدَّدة_ العدويُّ القرشيُّ، ووُصِف بالنَّحَّام؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «دخلتُ الجنَّة، فسمعتُ نَحْمَةَ نُعَيمٍ فيها» _والنَّحمة: السَّعلة_ أسلم قديمًا وأقام بمكَّة إلى قبيل الفتح، وكان قومه يمنعونه من الهجرة لشرفه فيهم؛ لأنَّه كان ينفق عليهم فقالوا له: أقم عندنا على أيِّ دينٍ شئت، ولمَّا قدم على(3) النَّبيِّ صلعم اعتنقه وقبَّله، واستُشهِد يوم اليرموك سنة خمس عشرة (بِكَذَا وَكَذَا) ثمان مئة درهمٍ (فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ) أي: دفع ╕ الثَّمن الذي بِيع به المُدبَّر المذكور لمُدبِّره، أو دُفِع المُدبَّر لمشتريه نُعَيمٍ، وقول العينيِّ: _أي: دفع الثَّمن إلى الرَّجل وهو نُعيم بن عبد الله_ سهوٌ لا يخفى، وقد وقع في رواية مسلمٍ وأبي داود والنَّسائيِّ من طريق أيُّوب عن أبي الزُّبير ما يعيِّن أنَّ الضَّمير للثَّمن، ولفظه: فاشتراه نُعَيم بن عبد الله بثمان مئة درهمٍ فدفعها إليه، وفي رواية مسلمٍ والنَّسائيِّ من طريق اللَّيث عن أبي الزُّبير: فدفعها إليه، ثمَّ قال: «ابدأ بنفسك فتصدَّق عليها»، وفي رواية النَّسائيِّ من وجهٍ آخر عن إسماعيل بن أبي خالدٍ: ودفع ثمنه إلى مولاه، وأمَّا ما وقع في رواية التِّرمذيِّ: فمات ولم يترك مالًا غيره، فهو ممَّا نُسِب‼ فيه ابن عيينة إلى الخطأ، ولم يكن سيِّده مات كما وقع مُصرَّحًا به في الأحاديث الصَّحيحة، وفيه: جواز بيع المُدَبَّر، وهو قول الشَّافعيِّ وأحمد، وذهب أبو حنيفة ومالكٌ إلى المنع، وتأتي إن شاء الله تعالى مباحث ذلك في موضعه بحول(4) الله وقوَّته.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف في «الاستقراض» [خ¦2403]، وكذا أخرجه مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه.


[1] «فإنَّ بيع المزايدة»: ليس في (ص).
[2] «المهملة»: ليس في (د).
[3] «على»: ليس في (ل).
[4] في (د) و(م): «بعون».