إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق الحميدي: هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت

          2115- (وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ) بضمِّ الحاء(1) المهملة وفتح الميم، عبد الله بن الزُّبير، ولابن عساكر: ”وقال لنا الحميديُّ“ فأسنده إلى(2) المؤلِّف، وقد جزم الإسماعيليُّ وأبو نُعيمٍ بأنَّه علَّقه، ووصله المؤلِّف من وجهٍ آخر في «الهبة» [خ¦2610] عن سفيان، وكذا هو موصولٌ أيضًا(3) في «مسند الحميديِّ» قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيَيْنَةَ قال: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو) بفتح العين، ابن دينارٍ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ ) أنَّه (قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلعم فِي سَفَرٍ) قال الحافظ ابن حجرٍ: لم أقف على تعيينه (فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ) بفتح المُوحَّدة وسكون الكاف: ولد النَّاقة أوَّل ما يُركَب (صَعْبٍ) صفةٌ لـ «بكرٍ» أي: نفورٍ؛ لكونه لم يُذلَّل، وكان (لِعُمَرَ) بن الخطَّاب ☺ (فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ القَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ) ذكر ذلك بيانًا لصعوبة هذا البَكْر، فلذا(4) ذكره بالفاء (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم لِعُمَرَ: بِعْنِيهِ، قَالَ) عمر ☺ : (هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: بِعْنِيهِ) ولأبي ذرٍّ: ”قال رسول الله صلعم : بِعْنِيه“ (فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ) زاد في «الهبة» [خ¦51/19-4065]: فاشتراه النَّبيُّ صلعم (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : هُوَ) أي: الجمل (لَكَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ) من أنواع التَّصرُّفات. وهذا موضع التَّرجمة‼، فإنَّه صلعم وهب ما ابتاعه من ساعته، ولم ينكر البائع، فكان قاطعًا لخياره؛ لأنَّ سكوته منزلة قوله: أمضيت البيع(5)، وقول ابن التِّين: _هذا تعسُّفٌ من البخاريِّ ولا يُظَنُّ أنَّه صلعم وهب ما فيه لأحدٍ خيارٌ ولا إنكارٌ / ؛ لأنَّه إنَّما بُعِث مبيِّنًا_ أُجيب عنه: بأنَّه صلعم قد بيَّن ذلك بالأحاديث السَّابقة المصرِّحة بخيار المجلس، والجمع بين الحديثين ممكنٌ بأن يكون بعد العقد فارَقَ عمرَ بأن تقدَّمه أو تأخَّر عنه مثلًا ثمَّ وهب، وليس في الحديث ما يثبت ذلك ولا ينفيه، فلا معنى للاحتجاج بهذه الواقعة العينيَّة في إبطال ما دلَّت عليه الأحاديث الصَّريحة من إثبات خيار المجلس، فإنَّها إن كانت متقدِّمةً على حديث «البيِّعان بالخيار» [خ¦2079] فحديث «البيِّعان» قاضٍ عليها، وإن كانت متأخِّرة عنه حُمِل على أنَّه صلعم اكتفى بالبيان السَّابق، قاله في «الفتح».
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «الهبة» [خ¦2611].


[1] «الحاء»: ليس في (د).
[2] «إلى»: ليس في (د).
[3] «أيضًا»: ليس في (د).
[4] في (د): «فلذلك».
[5] «أمضيت البيع»: سقط من (د) و(ص) و(م).