إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب وثمن الدم

          2086- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عبد / الملك الطَّيالسيُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ) بضمِّ الجيم وفتح الحاء مصغَّرًا، وفي آخر أبواب «الطَّلاق» [خ¦5347] من رواية آدم عن شعبة: حدَّثنا عونٌ (قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي) أبا جُحيفة وهب بن عبد الله (اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا) لم يُسمَّ، زاد المؤلِّف في آخر «البيع» [خ¦2238] من وجهٍ آخرَ عن شعبة: «فأمر بمحاجمه فكُسِرت» زاد في نسخة الصَّغاني: ”فأمر بمحاجمه فكُسِرَت“ كما في «البيع» [خ¦2238](1) (فَسَأَلْتُهُ) عن ذلك، أي: عن كسر المحاجم، وهي الآلة التي يُحجَم بها (فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلعم عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ) ولو معلَّمًا لنجاسته، فلا يصحُّ بيعه، كخنزيرٍ وميتةٍ ونحوهما، وجوَّز أبو حنيفة بيعَ الكلاب وأكلَ ثمنها، وأنَّها تُضمَن بالقيمة عند الإتلاف، وعن مالكٍ روايتان، وقال الحنابلة: لا يجوز بيعه مطلقًا (وَ) عن(2) (ثَمَنِ الدَّمِ) أي: أجرة الحجامة، وأطلق عليه الثَّمن تجوُّزًا، وقد احتجم صلعم وأعطى الحجَّام أجره(3)، ولو كان حرامًا لم يعطه، كما ثبت في «الصَّحيحين» [خ¦2102] فالنَّهي عنه للتَّنزيه؛ لخبثه من جهة كونه عوضًا في مقابلة مخامرة النَّجاسة، ويطَّرد ذلك في كلِّ ما يشبهه من كنَّاسٍ(4) وغيره (وَنَهَى) ╕ نهيَ تحريمٍ (عَنِ الوَاشِمَةِ) الفاعِلة للوشَمْ (وَالمَوْشُومَةِ) أي: عن فعلهما، والوشم: أن يُغرَز الجلد بإبرةٍ، ثم يُحشى بكحلٍ أو نيلٍ، فيزرقَّ أثره أو يخضرَّ، ولفظ «نهى» ساقطٌ لابن عساكر، وإنَّما نهى عن الوشم لما فيه من تغيير خلق الله تعالى، قال في «الرَّوضة»: لو شقَّ موضعًا في بدنه وجعل فيه دمًا أو وشم يده أو غيرها فإنَّه ينجس عند الغرز، وفي «تعليق الفرَّاء»: أنَّه يُزال الوشم بالعلاج، فإن(5) كان لا يمكن إلَّا بالجرح جَرَحَ(6)، ولا إثم‼ عليه بعدُ (وَ) نهى ╕ أيضًا(7) عن فعل (آكِلِ الرِّبَا وَ) عن فعل (مُوكِلِهِ) لأنَّهما شريكان في الفعل (وَلَعَنَ المُصَوِّرَ) للحيوان لا للشَّجر، فإنَّ الفتنة فيه أعظم، وهو حرامٌ بالإجماع.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «البيوع» [خ¦2238] و«الطَّلاق» [خ¦5347] و«اللِّباس» [خ¦5945] وهو من أفراده.


[1] قوله: «زاد في نسخة الصَّغانيِّ... في البيع»: سقط من (د).
[2] «عن»: مثبتٌ من (د).
[3] في (د): «أجرته».
[4] في (د) و(ص): «كنَّاف».
[5] في (س): «فإنَّه»، ولا يصحُّ.
[6] هكذا في (د): وفي غيرها: «لا بالجرح، لا حرج».
[7] «أيضًا»: ليس في (د).