الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من كره القعود على الصور

          ░92▒ (باب: مَنْ كَرِهَ القُعُود عَلَى الصُّور)
          أي: ولو كانت ممَّا تُوطَأ، قاله الحافظ.
          وقال تحتَ حديثِ الباب: وظاهر حديثَي عائشة هذا والَّذِي قبله التَّعارض لأنَّ الَّذِي قبله يدلُّ على أنَّه صلعم استعمل السِّتر الَّذِي فيه الصُّورة بعد أن قُطع وعُملت منه الوسادة، وهذا يدلُّ على أنَّه لم يستعمله أصلًا، وقد أشار المصنِّف إلى الجمع بينهما لأنَّه لا يلزم مِنْ جواز اتِّخاذ ما يوطأ مِنَ الصُّوَر جوازُ القعود على الصُّورة، فيجوز أن يكون استعمل مِنَ الوسادة ما لا صورة فيه، ويجوز أن يكون رأى التَّفرقة بين القعود والاتِّكاء، وهو بعيد، ويحتمل أيضًا أن يجمع بين الحديثين بأنَّها لمَّا قطعت السِّتر وقع القطعُ في وسط الصُّورة مثلًا فخرجت عن هيئتها، فلهذا صار يرتفق بها. انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قالَ العينيُّ: لا تعارُض بين الحديثين أصلًا لأنَّ حديث الباب وحديث مسلم المذكور فيه ((فجعلته مرفقتين فكان يرتفق بهما في البيت)) حديث واحد، لكنَّ البخاريَّ لم يذكر هذه الزِّيادة، والله أعلم. انتهى.
          كذا حكى القَسْطَلَّانيُّ عن العينيِّ ولم يتعقَّبه بشيء، لكنَّ التَّعارض بين الحديثين ظاهر كما لا يخفى، وقد أشارَ البخاريُّ إلى الجمع بينهما بهاتين التَّرجمتين كما تقدَّم، وما أشار إليه العلَّامة العينيُّ مِنَ الزِّيادة في رواية مسلم فلا يدفع التَّعارض، فإنَّ الوارد فيها لفظ: مرفقتين وفرق بين المِرْفَقَة والنُّمْرُقة، وإلَّا وقع التَّعارُض بين أوَّل الحديث وآخره.
          وقالَ العلَّامةُ السِّنْديُّ: وقد أُجيبَ بأنَّ الواقعة متَّحدة، ولا يخفى أنَّه يقوِّي التَّعارض، ويوجب أنَّ إحدى الرِّوايتين باطلة، وأطال العلَّامة السِّنديُّ الكلام في بيان الجواب عنه.
          وذكر في «هامش اللَّامع» أيضًا فارجع إليه لو اشتقت.
          وبسط صاحب «الفيض» الكلام على هاتين التَّرجمتين أيضًا في الفرق بينهما وبيان الغرض منهما، فذكر عدَّة وجوه محتملة، فارجع إليه لو شئت التَّفصيل.