الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الخاتم للنساء

          ░56▒ (باب: الخاتَم للنِّساء...) إلى آخره
          أي: أعمُّ مِنْ أن يكون مِنْ ذهبٍ أو فضَّةٍ كما هو ظاهرُ لفظِ التَّرجمة وحديث الباب، فلعلَّ الغرض منه أنَّ لُبسهنَّ إيَّاه ليس فيه التَّشبُّه بالرِّجال كما حُكي عن الخطَّابيِّ في خاتَم الفِضَّة، وسيأتي.
          قالَ الحافظُ: قالَ ابنُ بطَّالٍ: الخاتَم للنِّساء مِنْ جملة الحليِّ الَّذِي أُبيح لهنَّ. انتهى.
          قلت: وقد تقدَّم في (باب: خاتَم الذَّهب) مِنْ كلام الحافظ أنَّ النَّهي عن خاتَم الذَّهب المختص(1) بالرِّجالِ دون النِّساء، فقد نُقل الإجماع على إباحته للنِّساء. انتهى.
          وهذا الَّذِي ذكره الحافظ في حقِّ خاتم الذَّهب، ولم أجد الخلاف في كتب مذاهب الأئمَّة الأربعة في جواز خاتم الفِضَّة للنِّساء إلَّا ما يُحكى عن الخطَّابيِّ فقد قالَ النَّوويُّ: وقالَ الخطَّابيُّ: يُكرَه للنِّساء خاتم الفِضَّة لأنَّه مِنْ شعار الرِّجال، قال: فإن لم تجد خاتَم ذهب فلتصفِّرْه بزعفرانٍ وشبهِه، وهذا الَّذِي قاله ضعيفٌ أو باطلٌ لا أصل له، والصَّواب أنَّه لا كراهة في لبسها / خاتَم الفِضَّة. انتهى.
          وهكذا بحث المناويُّ في «شرح الشَّمائل» على هذه المسألة إذ قال: ثمَّ إنَّ ممَّا يُتعجَّب منه قول الشَّارح: فيه حلُّ اتِّخاذ خاتم الفِضَّة للرِّجال والنِّساء إذ ليس في اتِّخاذ النَّبيِّ صلعم له ما يفيد حِلَّه للنِّساء، بل احتمال اختصاصه بالرِّجالِ قائم لكونه مِنْ شعارهم، ووقائعُ الأحوال إذا تطرَّق إليه الاحتمال سقط بها الاستدلال، ومِنْ ثمَّ ذَهَبَ جمعٌ منهم الخطَّابيُّ إلى كراهته للأنثى لِما ذُكر، فإنَّ لَبِسَتْهُ صَفَّرته بنحو زعفران، لكن ليس بمقبول عند أجلَّاء الشَّافعيَّة، نعم لُبسها له خلافُ الأَولى، فقد قال جمعٌ مِنْ عظمائهم: الأَولى لها ألَّا تلبس البياض والفِضَّة لِما فيه مِنَ التَّشبُّه بالرِّجالِ. انتهى.
          ولا يخفى أنَّ اختلافهم(2) في خاتم الفِضَّة، وأمَّا خاتم الذَّهب فليس فيه خلافُ أحدٍ، والله تعالى أعلم.


[1] في (المطبوع): ((مختص)).
[2] في (المطبوع): ((أن هذا اختلاف)).