الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب النعال السبتية وغيرها

          ░37▒ (باب: النِّعَال السِّبْتِيَّة وَغَيْرِها)
          جمع نَعْلٍ، وهي مؤنَّثة، وقالَ ابنُ العربيِّ: النَّعل لباسُ الأنبياء، وإنَّما اتَّخذ النَّاسُ غيرها لِما في أرضهم مِنَ الطِّين، وقد يُطْلَق النَّعل على كلِّ ما يَقي القَدمَ.
          قوله: (السِّبْتيَّة)_بكسر المهملة وسكون الموحَّدة بعدها مثنَّاة_: منسوبة إلى السِّبْت بمعنى القَطْع، قال أبو عُبيد: هي المدبوغة، وقال بعضهم: إنَّها الَّتي حُلق عنها الشَّعر. انتهى مختصرًا مِنَ «الفتح».
          وقالَ العينيُّ: وكانت عادةُ العرب لباسَ النِّعال بشعرها وغير مدبوغة، قال أبو عبيد: وكانوا في الجاهليَّة لا يَلبس النِّعالَ المدبوغة إلَّا أهلُ السَّعة، وقال أيضًا بعد ذكر الحديث الأوَّل: مطابقته للتَّرجمة تؤخذ منه، وقال بعد الحديث الثَّاني: مطابقة للتَّرجمة ظاهرة. انتهى.
          قلت: وعندي أنَّ المصنِّف إنَّما ترجم بالنِّعال السِّبتيَّة لِما يُتوهَّم مِنْ بعض الرِّوايات مِنْ كرامتها(1) ولِما قال عُبيد بن جُريج كما في رواية الباب مِنْ قولِه: (لم أرَ أحدًا يصنعُها) فأشار المصنِّف بالتَّرجمة إلى مشروعيَّتها.
          قالَ الحافظُ: واستُدلَّ بحديث ابن عمر في لباس النَّبيِّ صلعم النِّعال السِّبتيَّة ومحبَّته لذلك على جواز لُبسها على كلِّ حالٍ، وقال أحمدُ: يُكرَه لُبسُها في المقابر لحديث بَشير بن الخَصَاصيَّة قال: ((بينما أنا أمشي في المقابر وعليَّ نعلان إذا رَجلٌ ينادي مِنْ خَلْفي: يا صاحبَ السِّبْتيَّتين، إذا كنتَ في هذا الموضع فاخلعْ نعليك)) أخرجه أحمد وأبو داود وصحَّحه الحاكم، واحتجَّ به على ما ذكر.
          وتعقَّبه الطَّحاويُّ بأنَّه يجوز أن يكون الأمر بخلعهما لأذًى فيهما، وقد ثبت في الحديث: ((أنَّ الميِّت يَسمع قرع نعالهم إذا وَلَّوا عنه مدبرين)) وهو دالٌّ على جواز لُبس النِّعال في المقابر.
          قالَ الحافظُ: ويحتمل أن يكون النَّهي لإكرام الميِّت، وليس ذكر السِّبتيَّتين للتَّخصيص بل اتَّفق ذلك، والنَّهي إنَّما هو للمشي على القبور بالنِّعال. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((كراهتها)).