الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب تقليم الأظفار

          ░64▒ (باب: تقليم الأظفار)
          وهو تفعيل مِنَ القَلْم، وهو القطع، والمراد إزالةُ ما يزيد على ما يلابس رأس الإصبع مِنَ الظُّفر لأنَّ الوسخ يجتمع فيه فيستقذر، وقد ينتهي إلى حدٍّ يمنع مِنْ وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطَّهارة، وقد أخرجَ البَيْهَقيُّ في «الشُّعب» مِنْ طريق قيس بن أبي حازم قال: (([صلى] النَّبيُّ صلعم [صلاة] فَأَوْهَمَ فِيهَا، فسُئل فَقَالَ: مَا لِي لَا أَوْهَمُ وَرَفْغُ(1) أَحَدِكُمْ بَيْنَ ظُفْرِهِ وَأَنْمُلَتِهِ)) رجاله ثقات مع إرساله، والرُّفُغُ بضمِّ الرَّاء، ويجمع على أَرْفَاغ، وهي مغابن الجسد كالإبط وكلِّ موضع يجتمع فيه الوسخ، والتَّقدير: وسخُ رفغ أحدكم، والمعنى: أنَّكم لا تقلِّمُون أظفاركم ثمَّ تحكُّون بها أرفاغكم، فيتعلَّق بها ما في الأرفاغ مِنَ الأوساخ المجتمعة.
          ثمَّ قالَ الحافظُ: ولم يثبت في ترتيب الأصابع عند القصِّ شيء مِنَ الأحاديث، لكن جزم النَّوويُّ في «شرح مسلم» بأنَّه يُستحبُّ البداءة بمسبِّحة اليمنى ثمَّ بالوسطى ثمَّ البنصر ثمَّ الخنصر ثمَّ الإبهام، وفي اليسرى بالبداءة بخنصرها ثمَّ بالبنصر إلى الإبهام، ويبدأ في الرِّجلين بخنصر اليمنى إلى الإبهام، وفي اليسرى بإبهامها إلى الخنصر، ولم يذكر للاستحباب مستندًا، وقالَ ابنُ دقيق العيد: يحتاج مَنِ ادَّعى استحباب تقديم اليد في القصِّ على الرِّجل إلى دليل فإنَّ الإطلاق يأبى ذلك.
          قلت: يمكن أنَّ يُؤخَذ بالقياس على الوضوء والجامع التَّنظيف، وتوجيه البداءة باليمنى لحديث عائشة: ((كان يعجبه التَّيمُّن في طهوره وترجُّله وفي شأنَّه كلِّه)) والبداءة بالمسبِّحَة منها لكونها أشرف الأصابع لأنَّها آلة التَّشهُّد... إلى آخر ما ذكر.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: ويستحبُّ قلم أظافيره_ إلَّا لمجاهد في دار الحرب فيستحبُّ توفير شاربه / وأظفاره_ يوم الجمعة، وكونه بعد الصَّلاة [أفضل] إلَّا إذا أخَّرَه إليه تأخيرًا فاحشًا فيُكْرَه. انتهى.
          قالَ الحافظُ: وقد ذكر في الباب ثلاثة أحاديث، الثَّالث منها لا تعلُّق له بالظُّفر، وإنَّما هو مختصُّ بالشَّارب واللِّحية، فيمكن أن يكون مرادُه في هذه التَّرجمة والَّتي قبلها تقليمَ الأظفار وما ذُكر معها وقصَّ الشَّاربِ وما ذُكر معه، ويحتمل أن يكون أشار إلى أنَّ حديث ابن عمر في الأوَّل وحديثه في الثَّالث واحد، منهم مَنْ طوَّلَه ومنهم مَنِ اختصره. انتهى.
          فائدة: ذكر السُّيوطيُّ في رسالة «نور اللُّمعة في خصائص الجمعة» عدَّة رواياتٍ في فضل تقليم الأظفار يوم الجمعة، فارجع إليه لو شئت.


[1] في (المطبوع): ((ورُفُغُ)).