الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب مس الحرير من غير لبس

          ░26▒ (باب: مَسِّ الحَرِيرِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ)
          وفي نسخة «الفتح»: <مَنْ مَسَّ الحَرِيْرَ>، ويُستفاد غرض التَّرجمة ممَّا حكاه الحافظ عن ابن بطَّالٍ مِنْ أنَّ النَّهي عن لُبْس الحرير ليس مِنْ أجل نجاسةِ عينه، بل مِنْ أجل أنَّه ليس مِنْ لباس المتَّقين، وعينُه مع ذلك طاهرةٌ فيجوز مسُّه وبيعه والانتفاع بثمنه. انتهى.
          قلت: وممَّا ينبغي الوقوف عليه لكونه مناسبًا لهذا المقام ولم يتعرَّض له أحدٌ مِنَ الشُّرَّاح أنَّه لا يُتوهَّم مِنْ ظاهرِ لفظ التَّرجمة أنَّ البخاريَّ أراد به أنَّه ╕ لم يلبس الحرير، ويتأكَّد هذا التَّوهُّم مِنْ كلام العينيِّ حيث قال: أي: هذا باب في بيان مَنْ مسَّ الحرير وتعجَّب منه ولم يلبس. انتهى.
          لكن هذا ليس بصحيح فإنَّه قد أخرجَ التِّرْمِذيُّ في باب بلا ترجمة مِنْ أبواب اللِّباس بسنده عن واقد بن عمر(1) بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: ((قدم أنس بن مالك فأتيته، فقال: مَنْ أنت؟ فقلت: أنا واقد بن عمرو، قال: فبكى، وقال: إنَّك لشبيهٌ بسعد، وإنَّ سعدًا كان مِنْ أعظم النَّاس وأَطْوَلَ،(2)(3) وإنَّه(4) بُعث إلى النَّبيِّ صلعم جُبَّةٌ مِنْ ديباج منسوجٌ فيها الذَّهب فَلَبِسَها رسول الله صلعم فصَعِدَ المنبر فجعل النَّاس يلمسونها فقال: أتعجبون مِنْ هذا؟! لمناديلُ سعدٍ في الجنَّة خيرٌ ممَّا ترَون)). انتهى.
          وكذا أخرجه أحمد ولفظه: ((أنَّ(5) أُكَيْدَر دُومَة أهدى إلى النَّبيِّ صلعم جُبَّة سُنْدُس أَو دِيْبَاج_قبل أن ينهى عن الحرير_ فلَبِسَها...)) الحديث.
          قوله: (ويُروى فيه عن الزُّبَيديِّ عن الزُّهْرِيِّ...) إلى آخره، قالَ الحافظُ: أرادَ البخاريُّ بهذا التَّعليق ما رُوِّيناه في «المعجم الكبير» للطَّبرانيِّ مِنْ طريق عبد الله بن سالم الحمصيِّ عن الزُّبَيديِّ عن الزُّهْرِيِّ عن أنس قال: ((أُهديَ للنَّبيِّ صلعم حُلَّة مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، فجَعَل ناسٌ يلْمَسُونها بأيديهم ويتَعَجَّبُون منها، فقالَ النَّبيُّ صلعم: تُعْجِبُكُم هذه؟ فوالله لمناديلُ سعدٍ في الجنة أحسنُ منها)) قال الدَّارَقُطْنيُّ في «الأفراد»: لم يَرْوِه عن الزُّبَيْدِيِّ إلَّا عبدُ الله بن سالم. انتهى.


[1] قوله: ((ابن عمر)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((وأطولهم)).
[3] هكذا في الأصل، وما بين حاصرتين كما في سنن الترمذي.
[4] في (المطبوع): ((وأنه)).
[5] في (المطبوع): ((إن)).