الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من جر ثوبه من الخيلاء

          ░5▒ (باب: مَنْ جَرَّ ثَوبَه مِنَ الخُيَلَاء)
          أي: بسبب الخيلاء، فكلمة (مِنْ) للتَّعليل، والغرض مِنَ التَّرجمةِ ظاهر مِنْ أنَّ المنع لا يختصُّ بالإزار، ففي «المشكاة» برواية أبي داود والنَّسَائيِّ وابن ماجَهْ مِنْ حديث ابن عمر عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: ((الإسبال في الإزار والقميص والعِمامة، مَنْ جرَّ منها شيئًا خيلاءَ لم ينظر الله إليه يوم القيامة)).
          وفي «الأوجز»: وقد أخرج أبو داود عن ابن عمر قال: ((ما قال رسول الله صلعم في الإزار فهو في القميص)) قالَ الطَّبَريُّ: إنَّما ورد الخبر بلفظ الإزار، لأنَّ أكثر النَّاس في عهده كانوا يلبسون الإزار والأَرْدِيَة، فلمَّا لَبِس النَّاسُ القميص والدَّرَاريع كان حكمُها حكمَ الإزار في النَّهي. قالَ ابنُ بطَّالٍ: هذا قياس صحيح لو لم يأتِ النَّصُّ بالثَّوب فإنَّه يشمل جميع ذلك. انتهى.
          قالَ الحافظُ: وقد نقل عياض الإجماع على أنَّ المنع في حقِّ الرجال دون النِّساء، قالَ الحافظُ: والحاصل: أنَّ للرِّجال حالين:
          ░1▒ حال استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف السَّاق.
          ░2▒وحال جواز وهو إلى الكعبين، وكذلك للنِّساء حالان... إلى آخر ما ذكر.
          قلت: هكذا اتَّفقوا(1) في حقِّ الرجال أنَّ الجائز في أُزُرِهم أنَّها إلى الكعبين، لكن لم يصرِّحُوا [في] حكم الكعبين مِنْ أنَّ الغاية هل هي داخلة في المغيَّا أم لا؟ ويستفاد مِنْ رواية أنَّ الكعبين داخل(2) في المنع فلا يجوز سَترهما، فقد ذكر الحافظ: أخرجَ النَّسائيُّ وصحَّح الحاكم أيضًا مِنْ حديث حذيفة بلفظ: ((الإزار إلى أنصاف السَّاقين، فإن أَبَيْتَ فأسفلَ، فإنْ أَبَيْتَ فمِنْ وراء السَّاقين، ولا حقَّ للكعبين في الإزار)). انتهى.
          وهذا صريح في أنَّه لا يجوز سَتر الكعبين، وقالَ ابنُ عابدين في الكلام على آداب اللُّبس وأحكامه: ويُكْرَهُ للرِّجال السَّراويل الَّتي تقع على ظهر القدمين، (عتابية). انتهى. وهكذا في «البحر».
          وقالَ النَّوويُّ في «شرح مسلم»: فالمستحبُّ نصف السَّاقين، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منعَ تحريمٍ وإلَّا فمنعَ تنزيهٍ. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((نقلوا)).
[2] في (المطبوع): ((داخلان)).