الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب خواتيم الذهب

          ░45▒ (باب: خَوَاتِيمِ الذَّهب)
          جمع خاتم، ويجمع أيضا على خواتم_بلا ياءٍ_ وعلى خياتيم بياء بدل الواو، وبلا ياء أيضًا، وفي الخاتم ثمان لغات: فتح التَّاء وكسرها وهما واضحتان، ثمَّ ذكر الحافظ بقيَّة اللُّغات نظمًا ونثرًا، ثمَّ قال في الكلام على الرِّوايات الواردة في الباب وقد أخرج ابن أبي شيبة مِنْ حديث عائشة: ((أنَّ النَّجاشيَّ أهدى للنَّبيِّ صلعم حلية فيها خاتم مِنْ ذهب، فأخذه وإنَّه لمعرضٌ عنه، ثمَّ دعا أمامة بنت ابنته فقال: تحلَّي به)) قالَ ابنُ دقيقِ العيد: وظاهر(1) النَّهي التَّحريم، وهو قول الأئمَّة واستقرَّ الأمر عليه، قالَ عِياضٌ: وما نُقل عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم [مِنْ] تختُّمه بالذَّهب فشذوذ، والأشبَهُ أنَّه لم تبلغه السُّنَّة فيه، فالنَّاس بعده مجمعون على خلافه(2) وكذا ما رُوي فيه عن خبَّاب، وقد قال له ابن مسعود: أَمَا آن لهذا الخاتم أن يُلقى؟ فقال: إنَّك لن تراه عليَّ بعد اليوم، فكأنَّه ما كان بلغه النَّهيُ، فلمَّا بلغه رجع(3) قال: وقد ذهب بعضُهم إلى أنَّ لُبسه للرِّجال مكروهٌ كراهة تنزيهٍ لا تحريمٍ كما قال مثل ذلك في الحرير، قالَ ابنُ دقيقِ العيد: هذا يقتضي إثبات الخلاف في التَّحريم(4) وهو يناقض القول بالإجماع على التَّحريم. ولا بدَّ مِنِ اعتبار وصف كونه خاتمًا.
          قلت(5): التَّوفيق بين الكلامين ممكنٌ بأن يكون القائل بكراهة التَّنزيه انقرضَ واستقرَّ الإجماعُ بعده على التَّحريم، وقد جاء عن جماعة مِنَ الصَّحابةِ لبسُ خاتم الذَّهب، ثمَّ بسط الكلام عليه، وقال أيضًا: النَّهي عن خاتم الذَّهب مختصٌّ بالرِّجال دون النِّساء، فقد نُقل الإجماعُ على إباحته للنِّساء. انتهى. /
          وقال المناويُّ في «شرح الشَّمائل» نقلًا عن النَّوويِّ: أجمعوا على تحريمه للرِّجال إلَّا ما حُكي عن ابن حزم أنَّه أباحه، وعن بعضهم أنَّه مكروه لا حرام، قال: وهذان باطلان وقائلهما محجوج بالأحاديث الَّتي ذكرها مسلم مع إجماع مَنْ قبلَه على تحريمه. انتهى.
          لكنْ قال الزَّين العراقيُّ: لا يصحُّ نقل الإجماع فقد لبسه جمع مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعين... إلى آخر ما ذكر. وتقدَّم توجيه نقل الإجماع في كلام الحافظ.
          لكن في «الأوجز» : قال صاحب «المحلَّى»: مذهب الأئمَّة الأربعة والجمهور أنَّه يحرُم، ورخَّص فيه طائفةٌ منهم إسحاقُ بن راهَوَيهِ، وقال: مات خمس مِنَ الصَّحابةِ وخواتيمهم مِنْ ذهب. رواه ابن أبي شيبة. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((فظاهر)).
[2] قوله: ((فالناس بعده مجمعون على خلافه)) ليس في (المطبوع).
[3] قوله: ((فكأنه ما كان بلغه النهي فلما بلغه رجع)) ليس في (المطبوع).
[4] قوله: ((هذا يقتضي إثبات الخلاف في التحريم)) ليس في (المطبوع).
[5] في (المطبوع): ((على التحريم. قال الحافظ:)).