الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب خاتم الفضة

          ░46▒ (باب: خَاتَم الفِضَّة)
          أي: جواز لبسه، ولم يذكر الحافظ الخلاف هاهنا، وذكر فيه الخلاف في «الأوجز» ففيه: قالَ الباجيُّ: رُوي عن بعض أهل الشَّام أنَّه مَنع مِنْ ذلك، أي: التَّختُّم بالفِضَّة لغير السُّلطان لحديث أبي ريحانة: ((أنَّه سمع النَّبيَّ صلعم نهى عن عشر خِصال: الوشم والوسم والتَّختُّم لغير السُّلطان...)) الحديث، وهو حديث ضعيف، وقد أجمع النَّاس بعد هذا القائل على جواز التَّختُّم، وفي «المحلَّى»: اختلفوا في إباحة لبس خاتم الفِضَّة، فأباحه كثير مطلقًا، ومنهم مَنْ كَرهه إذا قُصد به الزِّينة، ومنهم [مَنْ] كَرهه إلَّا لذي سلطان، والصَّحيح عند الشَّافعيَّة والمالكيَّة القولُ الأوَّل، وقالوا: إنَّ لُبسَه صلعم وإن كان لمصلحة الكتابة ثمَّ استدامه ولبسه أصحابه فلم ينكر(1) عليهم بل أقرَّهم عليه، وأمَّا حديث أبي ريحانة فقالَ الحافظُ زينُ الدِّين بن رجب: ذكر بعض أصحابنا أنَّ أحمد ضعَّفه. انتهى.
          وقالَ الزَّرقانيُّ: أمَّا حديث أبي ريحانة الَّذِي أخرجه أبو داود والنَّسائيُّ فضعَّفه مالكٌ لمَّا سُئل عنه، وكذا ضعَّفَه أحمد. انتهى.
          وبسط الكلام عليه في «الأوجز» أشدَّ البسط.
          ثمَّ جوازُ لبس خاتم الفِضَّة مقيَّد بما ورد عند أبي داود مِنْ حديث بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ: ((أنَّ رجلًا جاء إلى النَّبيِّ صلعم...)) الحديث بطوله_كما سيأتي في (باب خاتم الحديد)_ وفي آخره: ((فقال: يا رسول الله، مِنْ أيِّ شيء أتَّخذه؟ قال: اتَّخذْه مِنْ وَرِق ولا تُتِمَّه مثقالًا)) قالَ ابنُ رسلان في «شرحه» كما في «البذل»: ولا يحلُّ لبسُ خاتم ثقيل يزيد على مثقال. انتهى.
          وحكى القاريُّ في «جمع الوسائل» اختلاف الشَّافعيَّة في الزِّيادة على المثقال، وفي «شرح الإقناع»: لم يتعرَّض الأصحاب لمقداره، ولعلَّهم اكتفَوا على العرف. انتهى.
          وأمَّا عند المالكيَّة فقال الدَّرْدِير: يحرُم الزَّائد على الدِّرهمين.
          وأمَّا عند الحنابلة ففي «نيل المآرب»: يباح للذَّكر الخاتمُ مِنَ الفِضَّة ولو زاد على مثقال. انتهى.
          وأمَّا ما عند الحنفيَّة ففي «الدُّرِّ المختار»: ولا يزيده على مثقال. انتهى.
          قالَ ابنُ عابدين: وقيل: لا يبلغ به المثقال، (ذخيرة) أقول: ويؤيِّده نصُّ الحديث السَّابق مِنْ قولِه ╕: ((ولا تتمَّه مثقالًا)) [انتهى].


[1] في (المطبوع): ((ينكره)).