-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
باب وجوب صوم رمضان
-
باب فضل الصوم
-
باب الصوم كفارة
-
باب الريان للصائمين
-
باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ومن رأى كله واسعًا
-
باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيةً
-
باب: أجود ما كانَ النبي يكون في رمضان
-
باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم
-
باب: هل يقول: إني صائم إذا شتم؟
-
باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة
-
باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا
-
باب: شهرا عيد لا ينقصان
-
باب قول النبي: لا نكتب ولا نحسب
-
باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين
-
باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}
-
باب قول الله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}
-
باب قول النبي: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال
-
باب تأخير السحور
-
باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر
-
باب بركة السحور من غير إيجاب
-
باب: إذا نوى بالنهار صومًا
-
باب الصائم يصبح جنبًا
-
باب المباشرة للصائم
-
باب القبلة للصائم
-
باب اغتسال الصائم
-
باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا
-
باب سواك الرطب واليابس للصائم
-
باب قول النبي: إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء
-
باب: إذا جامع في رمضان
-
باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر
-
باب الحجامة والقيء للصائم
-
باب الصوم في السفر والإفطار
-
باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر
-
باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر
-
باب: لم يعب أصحاب النبي بعضهم بعضًا في الصوم والإفطار
-
باب من أفطر في السفر ليراه الناس
-
باب: {وعلى الذين يطيقونه فدية}
-
باب: متى يقضى قضاء رمضان؟
-
باب: الحائض تترك الصوم والصلاة
-
باب من مات وعليه صوم
-
باب: متى يحل فطر الصائم؟
-
باب: يفطر بما تيسر عليه بالماء وغيره
-
باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس
-
باب صوم الصبيان
-
باب الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام
-
باب التنكيل لمن أكثر الوصال
-
باب الوصال إلى السحر
-
باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه
-
باب صوم شعبان
-
باب ما يذكر من صوم النبي وإفطاره
-
باب حق الضيف في الصوم
-
باب حق الجسم في الصوم
-
باب صوم الدهر
-
باب حق الأهل في الصوم
-
باب صوم يوم وإفطار يوم
-
باب صوم داود
-
باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة
-
باب من زار قومًا فلم يفطر عندهم
-
باب الصوم آخر الشهر
-
باب صوم يوم الجمعة
-
باب: هل يخص شيئًا من الأيام؟
-
باب صوم يوم عرفة.
-
باب صوم يوم الفطر
-
باب الصوم يوم النحر
-
باب صيام أيام التشريق
-
باب صيام يوم عاشوراء
-
باب وجوب صوم رمضان
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░68▒ بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
1996- وَقَالَ لِي مُحَمَّد بنُ المُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي: (كَانَتْ عَائِشَةُ تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهُ _يَعْنِي عُرْوَةَ_ يَصُومُهَا).
1997- 1998- ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ وَابنِ عُمَرَ قَالَا: (لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ).
1999- وَمِنْ حَديثِ مَالكٍ عَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: (الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى). وَعَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ، تَابَعَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ يَعْنِي: عَنِ ابنِ شِهَابٍ.
الشَّرْحُ: الأوَّلُ موقوفٌ، وقولُه: (وَقَالَ لِي مُحَمَّد) يَعْنِي: أنَّه أَخَذَهُ عَنْهُ مذاكرةً كَمَا سَلَفَ، وأَثَرُ عَائِشَةَ وابنِ عُمَرَ فِي مَعنَى المرفوعِ وهما مِنْ أَفْرَادِهِ، وفي أفرادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ نُبيْشَةَ الهُذَلِيِّ مَرْفُوْعًا: ((أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ)) بَلْ لم يُخَرِّجِ البُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِه» عَنْ نُبَيْشَةَ شيئًا، ويُقَالُ لَهُ: نُبَيْشَةُ الخيرِ. وفي أفرادِه أَيْضًا مِنْ حَدِيْثِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم بَعَثَهُ وَأَوْسَ بنَ الحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَنَادَى: ((أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)).
ولِلنَّسَائِيِّ عَنْ بِشْرِ بنِ سُحَيمٍ وحمزةَ بنِ عَمْرٍو مثلُه، وسَلَفَ حديثُ عُتْبَةَ فِي ذلكَ، ولِلنَّسَائِيِّ والحاكمِ مثلُه مِنْ حَدِيْثِ يُوسُفَ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ الحَكَمِ عَنْ جَدَّتِه أنَّها رَأَتْ عليًّا فِي حَجَّةِ الوداعِ يُنَادِي: ((أيُّها النَّاسُ إنَّها لَيْستْ بأيَّامِ صِيَامٍ، إنَّما هِيَ أيَّامُ أَكلٍ وشُرْبٍ وذِكْرٍ))، قَالَ الحَاكِمُ: صحيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وزَادَ البَيْهَقِيُّ: ((ونِسَاءٍ وبِعَالٍ))، ولِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ: ((أنَّه ◙ نَهَى عَنْ صَوْمِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي السَّنَةِ: يَوْمِ الفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ)).
وفَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُذَافَةَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم أَمَّرَهُ فِي رَهْطٍ أنْ يُنَادُوا: هَذِهِ أيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ، فلَا تَصُومُوا فِيهِنَّ إلَّا صَومًا فِي هَدْيٍ، وأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.
وقولُه: (تَابَعَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ) أي: إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ تابعَ مالكًا فِي روايتِه عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سالمٍ، وذَكَرَ خَلْفَ ذَلِكَ _عَقِبَ قولِهِ: (عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ)_: ومُقْتَضَى مَا أوردناهُ عَنِ البُخَارِيِّ: أنَّ إِبْرَاهِيْمَ تابَعَ مالكًا فِي روايتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا عَقِبَ قولِهِ: (وَعَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ) ذَكَرَهُ المِزِّيُّ فِي ترجمةِ مالكٍ عَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ، وعِنْدَ البَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيْثِ ابنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، ثُمَّ قَالَ: وبِإِسْنَادِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سالمٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ مثلُه، ثُمَّ رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنِ ابنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: وتَابَعَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وسَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَى الرَّبِيعِ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ عَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي المُتَمَتِّعِ إِذَا لم يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ، ثُمَّ قَالَ: وبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ سالمٍ عَنْ أَبِيْهِ مثلُ ذلكَ، وهُوَ يَدُلُّ عَلَى أنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعْدٍ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، ورَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سالمٍ عَنْ أَبِيْهِ.
إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فأيَّامُ التَّشْرِيْقِ هِيَ أيَّامُ مِنًى، وهِيَ الأيَّامُ المعدوداتُ، وهِيَ الحادي عَشَرَ وتالياهُ، وسُمِّيَتْ أَيَّامَ التَّشْرِيْقِ لأنَّ لُحُومَ الأَضَاحِي تُشَرَّقُ فِيْهَا، أي: تُنْشَرُ فِي الشَّمْسِ، وأضافَها إِلَى مِنًى؛ لأنَّ الحُجَّاجَ فِيْهَا فِي مِنًى. وقِيْلَ: لأنَّ الهَدْيَ لَا يُنْحَرُ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ، وقِيْلَ: إنَّ صَلَاةَ العيدِ عندَ شُرُوقِ الشَّمْسِ أوَّلَ يومٍ مِنْهَا، فصَارَتْ هَذِهِ الأيَّامُ تَبَعًا لِيَوْمِ النَّحْرِ، وهُوَ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ يومَ النَّحْرِ مِنْهَا، والمعروفُ خِلَافُه، وقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: التَّشْرِيْقُ التَّكْبِيْرُ دُبُرَ الصَّلَاةِ، واختَلَفَ العُلَمَاءُ فِي صِيَامِها، فَرُوِيَ عَنِ ابنِ الزُّبَيْرِ وابنِه أنَّهما كَانَا يَصُومَانِها. وعَنِ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيدَ مثلُه، وكَذَا ابنُ عُمَرَ، وقَالَ أَنَسٌ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ قَلَّمَا رَأَيتُه يُفْطِرُ إلَّا يومَ فِطْرٍ أو أَضْحَى، وكَذَلِكَ كَانَ ابنُ سِيرِينَ يَصُومُ الدَّهْرَ غيرَ هذينِ اليَومَينِ. قَالَ ابنُ قُدَامَةَ: كَأنَّهما لم يَبْلُغْهما النَّهْيُ ولو بَلَغَهما لم يَعْدُوهُ إِلَى غيرِه. قَالَ: فإنْ صَامَها فَرْضًا فروايتانِ: المَنْعُ ومُقَابِلُهُ.
ونَقَلَ عليُّ بنُ المُفَضَّلِ المَقْدِسِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ أنَّه قَفَلَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وهُوَ صائمٌ، وكَانَ مالكٌ والشَّافِعِيُّ يَكرَهَانِ صَومَها إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ فَاقِدِ الهَدْيِ؛ لأنَّها فِي الحَجِّ إِذَا لم يَصُمْها فِي العَشْرِ عَلَى مَا جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ وابنِ عُمَرَ، هَذَا قَولُ الشَّافِعِيِّ القديمُ، ومَالَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ والبَيْهَقِيُّ، وصَحَّحَهُ ابنُ الصَّلَاحِ، وقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا وإنْ كَانَ مرجوحًا عندَ الأصحابِ، والمُصَحَّحُ عِندَهُمُ الجديدُ وهُوَ التَّحرِيمُ، وبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ.
فإنْ جَوَّزنَا لَهُ ففي غيرِه وجهانِ أو طريقانِ أَصَحُّهما: لَا، وقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: إنَّ عُرْوَةَ وعَائِشَة صَامَاهُ تَطَوُّعًا، وخَالَفَ الدَّاوُدِيُّ فقَالَ: كَانَ فِي التَّمَتُّعِ واحتَجَّ بِمَا بعدَه، ورُوِيَ أنَّهما كَانَا يَعلَمَانِ أنَّهما كَانَا يَصُومَانِها أو يأمرانِ بصِيَامِها عندَ عَدَمِ الهَدْيِ.
وقَالَ السَّرْخَسِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: الخلافُ مبنيٌّ عَلَى أنَّ إباحتَها لِلْمُتَمَتِّعِ لِلْحَاجَةِ أمْ لِكَوْنِهِ لَهُ سَبَبٌ، والخلافُ عند المالكيَّةِ أَيْضًا، قَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يجوزُ ذَلِكَ بإجماعٍ، وقَالَ القَاضِي أَبُو الفَرَجِ فِي «حَاوِيهِ»: مَنْ نَذَرَ أنْ يَعْتَكِفَ أيَّامَ التَّشْرِيقِ اعتَكَفَها وصَامَهَا، وفي «المُدَوَّنَةِ»: يَصُومُ اليومَ الرَّابِعَ إِذَا نَذَرَهُ، وخَالَفَ أَشْهَبُ، ومَنْ نَذَرَ صَوْمَ ذِي الحِجَّةِ فَقَالَ ابنُ القَاسِمِ: يَصُومُ الرَّابِعَ، وقَالَ ابنُ المَاجِشُوْنِ: / أَحَبُّ إليَّ أنْ يُفْطِرَ ويَقْضِيَهُ، ولَا أُوْجِبُهُ، ومَنْ نَذَرَ صَوْمَ عامٍ مُعَيَّنٍ ففي «المُخْتَصَرِ» عَنْ مَالِكٍ: لَا يَصُومُه، وفي «المُدَوَّنَةِ» مَا يَدُلُّ أنَّه يَصُومُهُ.
ورُوِيَ الجَوَازُ لِلْمُتَمَتِّعِ عَنْ عُبَيْدِ بنِ عُمَيرٍ وعُرْوَةَ، وهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ وإِسْحَاقَ، ذَكَرَهُ ابنُ المُنْذِرِ، وذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أنَّ هَؤُلَاءِ أَبَاحُوا صِيَامَ أيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلْمُتَمَتِّعِ والقَارِنِ والمُحصَرِ إِذَا لم يَجِدْ هَدْيًا، ولَمْ يَكُونُوا صَامُوا قبلَ ذلكَ، ومَنَعُوا مِنْهَا مَن سِوَاهُمْ. وخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فقَالُوا: لَيْسَ لهَؤُلَاءِ ولَا لغيرِهِمْ مِنَ النَّاسِ أنْ يَصُومُوا هَذِهِ الأَيَّامَ عَنْ شيءٍ مِنْ ذلكَ، ولَا عَنْ كَفَّارَةٍ، ولَا فِي تَطَوُّعٍ لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْ ذَلِكَ، ولكنْ عَلَى المُتَمَتِّعِ والقَارِنِ الهَدْيُ لِتَمَتُّعِهِمَا وقِرَانِهِمَا، وهَدْيٌ آخَرُ لأَنَّهما حَلَّا بغيرِ صَومٍ، هَذَا قولُ الكُوفِيِّينَ، وهُوَ أحدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وذَكَرَ ابنُ المُنْذِرِ عَنْ عليٍّ: أنَّ المُتَمَتِّعَ إِذَا لم يَجِدِ الهَدْيَ ولَمْ يَصُمِ الأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ فِي العَشْرِ يَصُومُها بعدَ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، وهُوَ قَوْلُ الحَسَنِ وعَطَاءٍ، واحتَجَّ الكُوْفِيُّوْنَ بِمَا رَوَى إسماعيلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: ((أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ أُنَادِيَ أَيَّامَ مِنًى، إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَا صَوْمَ فِيهَا)) يَعْنِي: أيامَ التَّشريقِ، أخرجَه أحمدُ مِنْ حَدِيْثِ مُحَمَّدِ بنِ أبي حُمَيْدٍ المَدَنيِّ وهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيْهِ.
ورَوَتْهُ عَائِشَةُ وعَمْرُو بنُ العَاصِ وعبدُ اللهِ بنُ حُذَافَةَ وأَبُو هُرَيْرَةَ، كلُّهم عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلعم، فَلَمَّا تَواتَرَتْ هَذِهِ الآثارُ بالنَّهيِ عَنْ صِيَامِها، وكَانَ نَهيُهُ عَنْ ذَلِكَ بمِنًى والحَاجُّ مُقِيمُونَ بِهَا وفيهم المُتَمَتِّعُونَ والقَارِنُونَ، وَلَمْ يستثنِ منهم أَحَدًا، دَخَلَ فِي ذَلِكَ المُتَمَتِّعُونَ والقَارِنُونَ وغيرُهم، ومِنْ حُجَّةِ مالكٍ: قولُه تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} [البقرة:196]، ولَا خِلَافَ بينَ العلماءِ أنَّ هَذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ يومَ التَّرْوِيَةِ وهُوَ ثَامِنُ ذِي الحِجَّةِ، فعُلِمَ أنَّه أَبَاحَ لهم صَومَها، وأنَّهم صَامُوا فيها؛ لأنَّ الَّذِي بَقِيَ مِنَ العَشْرِ الثَّامِنُ والتَّاسِعُ، فأمَّا الثَّامِنُ الَّذِي نَزَلَتْ فِيْهِ الآيةُ لَا يَصِحُّ صَومُه؛ لِأَنَّهُ محتاجٌ إِلَى تبييتٍ مِنَ اللَّيلِ، والعَاشِرُ يومُ النَّحْرِ، والإجماعُ أنَّه لَا يُصَامُ، فعُلِمَ أنَّهم صَامُوا بعدَ ذَلِكَ، وقَولُ ابنِ عُمَرَ وعَائِشَةَ السَّالِفُ يَرْفَعُ الإِشْكالَ فِي ذَلِكَ، ومِنْ حُجَّتِه أَيْضًا: قولُه ◙: ((هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى عَنْ صِيَامِهِمَا)) فخَصَّهما بالنَّهْيِ وبَقِيَتْ أيَّامُ التَّشْرِيقِ مباحةً.
فأمَّا قولُه: ((إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)) فإنَّما يختصُّ بِذَلِكَ منْ لم يكنْ عَلَيْهِ صَومٌ واجبٌ، فَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الأحاديثُ، وفي إباحةِ صِيَامِها لِلْمُتَمَتِّعِ حُجَّةٌ لمالكٍ فِيْمَا تَرَجَّحَ قولُهُ فِيْهِ فِيْمَنْ يَبْتَدِئُ صَومَ الظِّهَارِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، وقَالَ: عَسَى أنْ يُجْزِئَهُ إنْ نَسِيَ أو غَفَلَ، إِذَا أَفْطَرَ يومَ النَّحْرِ صَامَ أيَّامَ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ وَصَلَ اليومَ الَّذِي أَفْطَرَه، رَجَوْتُ أنْ يُجْزِئَهُ. ويَبْتَدِئُهُ أحبُّ إليَّ، وإِنَّمَا قَالَ ذلكَ لأنَّ صَومَ المُتَمَتِّعِ صَومٌ واجبٌ، وإِنَّمَا يُنْهى عَنْ صِيَامِها مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ صَومٌ واجبٌ.
وقَالَ غيرُ واحدٍ عَنْ مالكٍ: إنَّ اليومَ الرَّابِعَ لم يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيْهِ أنَّه يَصُومُهُ مَنْ نَذَرَهُ ومَنْ يَصِلُ فِيْهِ صِيَامًا واجبًا، ولَا يُبْتَدَأُ فِيْهِ ولَا يُصَامُ تَطَوُّعًا.
وقَالَ ابنُ المُنْذِرِ: مذهبُ ابنِ عُمَرَ فِي صِيَامِ هَذِهِ الأيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ حينِ يُحْرِمُ بالحَجِّ، وآخِرُها يومُ عَرَفَةَ، وهذا مَعنَى قَولِ البُخَارِيِّ عَنِ ابنِ عُمَرَ: لِمَنْ تَمَتَّعَ بالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ إِلَى يومِ عَرَفَةَ، قَالَ ابنُ المُنْذِرِ: وجماعةُ الفُقَهَاءِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِ صَوْمِهَا بعدَ الإحْرَامِ بالحَجِّ إلَّا عَطَاءً فإنَّه قَالَ: إنْ صَامَهُنَّ حَلَالًا أَجْزَأَهُ، وهُوَ قَوْلُ أحمدَ، قَالَ: ولَا يَجِبُ الصَّومُ عَلَى المُتَمَتِّعِ إلَّا بعدَ الإحرامِ فمَنْ صَامَ قبلَ ذَلِكَ كان تَطَوُّعًا، ولَا يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ، وفي قولِهِ تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} [البقرة:196] أَبْيَنُ البَيَانِ أنَّه لَا يُجْزِئُهُ صِيَامُها فِي غيرِ الحَجِّ، وهذا يَرُدُّ أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ والحَسَنِ وعَطَاءٍ.