التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر

          ░30▒ بَابُ إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ
          1936- ذَكَرَ فِيْهِ حَدِيْثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وفِيْهِ: (هَلَكْتُ) أَيْ: بِسَبَبِ مَا وَقَعَ فِيْهِ مِنَ الإِثْمِ، وفِيْهِ: (هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟) قَالَ: لَا. وكَذَا: (هَلْ تَجِدُ فِي الصَّوْمِ والإِطْعَامِ) وفِيْهِ: (والعَرَقُ المِكْتَلُ...) الحَدِيْثُ، ثُمَّ تَرْجَمَ لَهُ.
          ░31▒ بَابُ المُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ، هَلْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ مِنَ الكَفَّارَةِ إِذَا كَانُوا مَحَاوِيجَ؟
          1937- ثُمَّ سَاقَ حَدِيْثَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، وَفِيْهِ: (بِعَرَقٍ فِيْهِ تَمْرٌ) وفِيْ نُسْخَةٍ: <فِيْهَا>، وقَالَ: (خُذْ هَذَا) وفِيْ نُسْخَةٍ: <خُذْهَا> وفِيْهِ: (إِنَّ الآخِرَ) وهُوَ بِكَسْرِ الخَاءِ، أَيِ: الأَبْعَدَ عَلَى الذَّمِّ، وقِيْلَ: الأَرْذَلُ، وقِيلَ: الأَخِيْرُ: الأَبْعَدُ، والآخِرُ: الغَائِبُ.
          وقَوْلُهُ: (وهُوَ الزِّنْبِيْلُ) كَذَا هُوَ بِنُوْنٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ، وفِيْ بَعْضِهَا: <الزَّبِيْلُ> وصُحِّحَ بِفَتْحِ الزَّايِ مُخَفَّفًا، وكَسْرِهَا مَعَ التَّشْدِيْدِ كَمَا سَلَفَ فِي البَابِ قَبْلَهُ.
          واختَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّكْفِيْرُ بِالإِطْعَامِ دُوْنَ غَيْرِهِ، ولَمْ يَجِدْ مَا يُطْعِمُ كالرَّجُلِ الَّذِيْ وَرَدَ فِي الحَدِيْثِ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هُوَ خَاصٌّ بِهِ دُوْنَ غَيْرِهِ، أَيْ: واسْتَغْفَرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ، وقَرِيْبٌ مِنْهُ دَعْوَى نَسْخِهِ كَمَا حَكَاهُ ابنُ التِّيْنِ، ولَمْ يَذْكُرْ نَاسِخَهُ، وفِيْ سُقُوْطِهَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَظْهَرُهُمَا: لَا، كَسَائِرِ الكَفَّارَاتِ، وهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيْفَةَ والثَّوْرِيِّ وأَبِي ثَوْرٍ وعِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ؛ ولِأَنَّهُ ◙ أَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِمَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ مَعَ إِخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ؛ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوْتِهَا فِي الذِّمَّةِ مَعَ العَجْزِ.
          والقَوْلُ الثَّانِي: سُقُوْطُهَا كَزَكَاةِ الفِطْرِ؛ ولِأَنَّهُ ◙ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لِلْأَعْرَابِيِّ مَعَ جَهْلِهِ الحُكْمَ، وهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ وأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ، ولِلْأَوَّلِ أَنْ يُجِيْبَ بِأَنَّ تَأْخِيْرَ البَيَانِ لِوَقْتِ الحَاجَةِ جَائِزٌ، وكَلَامُ القَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقْتَضِي أنَّ الثَّابِتَ فِي ذِمَّتِهِ أَحَدُ الخِصَالِ الثَّلَاثِ فَيَكُوْنُ مُخَيَّرًا فِيْهَا، وكَلَامُ صَاحِبِ «التَّنْبِيْهِ» يَقْتَضِي أَنَّهُ الإِطْعَامُ خَاصَّةً، وقَدْ يُرِيْدُ بِالأَهْلِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، ولِلشَّافِعِيِّ فِي «الأُمِّ» احْتِمَالَانِ فِي الحَدِيْثِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ◙ تَطَوَّعَ بِالتَّكْفِيْرِ عَنْهُ، وشَرَعَ لَهُ صَرْفَهُ إِلَى الأَهْلِ والعِيَاِل، فَتَكُوْنُ فَائِدَةُ الحَدِيْثِ: أَنَّهُ يَجُوْزُ لِلْغَيْرِ التَّطَوُّعُ بِالكَفَّارَةِ عَنِ الغَيْرِ بِإِذْنِهِ، وأَنَّه يَجُوْزُ لِلْمُتَطَوِّعِ صَرْفُهُ إِلَى أَهْلِ المُكَفَّرِ عَنْهُ وعِيَالِهِ، ويُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ ذَلِكَ.
          وإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُمَلِّكَهُ لِيُكَفِّرَ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِحَاجَتِهِ صَرَفَهُ إِلَيْهِ دُفْعَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَلَّكَهُ وأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِحَاجَتِهِ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ وإِطْعَامِهِ لِعِيَالِهِ؛ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الكَفَّارَةَ إنَّما تَجِبُ إِذَا فَضَلَ عَنِ الكِفَايَةِ.
          وقَالَ المُهَلَّبُ: قَوْلُهُ كُلُّهُ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ عَلَى مُعْسِرٍ كَفَّارَةُ إِطْعَامٍ وكَانَ مُحْتَاجًا إِلَى إِبْقَاءِ رَمَقِ نَفْسِهِ وأَهْلِهِ، أَنْ يُؤْثِرَهَا بِذَلِكَ الإِطْعَامِ، ويَكُوْنُ ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ رَأَى سُقُوْطَهَا عَنْهُ بِالعُسْرِ، قَالَ: وإِبَاحَتُهُ الأَكْلَ لَا يَمْنَعُ مِنْ بَقَاءِ حُكْمِ الكَفَّارَةِ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ حَاجَتِهِ أَبَاحَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِمَا أَعْطَاهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا فِي ذِمَّتِهِ، فَبَقِيَ ذَلِكَ بِحَالِهِ، وفِيْهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الفُقَرَاءِ وَاجِبَةٌ بِهَذَا الحَدِيْثِ.
          واخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ كَفَّارَتُهُ مُرَتَّبَةٌ _كَمَا ذُكِرَ فِي الحَدِيْثِ: العِتْقُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَطْعَمَ_ أَوْ مُخَيَّرَةٌ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ وَأَصْحَابُهُ والثَّوْرِيُّ والأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وأَبُو ثَوْرٍ ومُطَرِّفٌ وابنُ المَاجِشُوْنِ وابْنُ حَبِيْبٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ بِالأَوَّلِ، وهُوَ مَشْهُوْرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، ونَقَلَهُ ابنُ قُدَامَةَ عَنْ جُمْهُوْرِ العُلَمَاءِ.
          وفِيْ «المُدَوَّنَةِ» قَالَ ابنُ القَاسِمِ: لَا يَعْرِفُ مَالِكٌ فِي الكَفَّاَرِة إِلَّا الإِطْعَامَ لَا عِتْقًا ولَا صَوْمًا، وقَالَ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ: مَا للعِتْقِ ومَا لَهُ؟ قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِيْنَ} الآية [البقرة:184]، وأُمِرَ المُحْتَرِقُ بِالصَّدَقَةِ، ورُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، حَكَاهُ ابنُ القَصَّارِ والبَغْدَادِيُّوْنَ وابنُ المُنْذِرِ، والحُجَّةُ لَهُ حَديثُه أَعْنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلعم أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَصُومَ أَوْ يُطْعِمَ))، و((أَوْ)) مَوضِعُهَا فِي كَلَامِ العَرَبِ التَّخيِيرُ ولَا تُوجِبُ التَّرتِيبَ.
          ويَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَدْ حَفِظَ الفُتْيَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي مرَّتينِ فَرَوَاهُ مَرَّةً عَلَى التَّخيِيرِ ومَرَّةً عَلَى التَّرتِيبِ؛ لِيُعَلِّمَنَا الجَوَازَ فِي التَّخيِيرِ أَوِ النَّدْبِ إِلَى تَقدِيمِ العِتْقِ، ولَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا للآخَرِ، وأَجَابَ بعضُهم بأنَّه ◙ عَلِمَ مَآلَ أَمْرِهِ، وأنَّه لَا يَقْدِرُ عَلَى العِتْقِ والصِّيَامِ، وهُوَ باطلٌ لأنَّ مالكًا رَوَاهُ وفِيْهِ الثَّلَاثَةُ بلفظِ ((أَوْ))، ومَنْ لَا يَقْدِر لَا يُقَالُ لَهُ: إن شِئتَ فأعتقْ وإِنْ شِئتَ كذا، وقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّما أَمَرَهُ ◙ بكلِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الكَفَّارَةِ الثَّلَاثَةِ لَمَّا لم يكنْ وَاجِدًا للصِّنْفِ الَّذِيْ ذَكَرَهُ لَهُ قَبْلَهُ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي حديثِ هَذَا البابِ.
          وقَالَ بَعْضُ العِرَاقِيِّينَ: القِصَّةُ وَاحِدَةٌ والرَّاوِي وَاحِدٌ وهُوَ الزُّهْرِيُّ، وقَدْ نَقَلَ التَّرتِيبَ والتَّخيِيرَ، ولَا يَجُوزُ أَنْ يَكُوْنَ خَيَّرَهُ ورَتَّبَهُ، فَلَا بُدَّ مِنَ المَصِيرِ إِلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، والمَصِيرُ إِلَى التَّرتِيبِ أَولَى مِنْ وُجُوهٍ:
          كَثْرةُ نَاقِلِيهَا؛ فَإِنَّ التَّرتِيبَ رَوَاهُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ ومَعْمَرٌ والأَوْزَاعِيُّ، وعُوْرِضَ بَأَنَّه رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَاِلكٌ وابنُ جُرَيْجٍ / ويَحْيَى بنُ سَعِيدٍ وأَبُو إِدْرِيْسَ وفُلَيْحٌ وعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ المَخْزُومِيُّ ذَكَرَهُ ابنُ التِّيْنِ.
          والاعتناءُ بلفظِ الشَّارِعِ؛ بخلافِ مَنْ خيّرَ فإنَّما نَقَلَ لَفْظَ الرَّاوِي وإِنْ كَانَا فِي الحُجَّةِ سَوَاءً، وإِذَا تَعَارَضَا كَانَ المَصِيرُ إِلَى مَنْ نَقَلَ لَفْظَهُ أَوْلَى.
          ولِأَنَّ نَاقِلَهُ مُفَسِّرٌ _لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ: ((أَعْتِقْ)) قَالَ: لَا أَجِدُ، قَالَ: ((فَصُمْ))_ ونَاقِلَ التَّخيِيرِ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَمَرَهُ بالصِّيَامِ والإِطْعَامِ بَعْدَ أِنْ ذَكَرَ الأَعْرابِيُّ عَجْزَهُ، وهَذِهِ زِيَادَةٌ.
          ولِأَنَّ فِيْهِ احتياطًا لأنَّها إنْ كَانَتْ مُخَيَّرَةً فالتَّرتِيبُ أَجْوَزُ، وإِنْ كَانَتْ مُرَتَّبَةً فَقَدْ فَعَلَ. وانفَرَدَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ فَقَالَ: عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ هَدْيُ بَدَنَةٍ أَوْ عِشْرُوْنَ صَاعًا لأَرْبَعِيْنَ مِسْكِيْنًا، حَكَاهُ ابنُ التِّيْنِ عَنْهُ، وحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ: لَا صَوْمَ عَلَيْهِ وإِنْ لَمْ يَجِدْ رقبةً فبقرةً أَوْ بَدَنَةً، ورَوَى مَالِكٌ البَدَنَةَ مُرْسَلًا عَنْ سَعِيْدٍ.
          واختَلَفُوا فِي المرأةِ إِذَا وَطِئَهَا طائعةً فِي رَمَضَانَ؛ فَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهَا مثلُ مَا عَلَى الرَّجُلِ مِنَ الكَفَّارَةِ، وهُوَ قولُ أَبِي حَنِيْفَةَ وأَبِي ثَوْرٍ، وفِيْهِ قولٌ ثانٍ: تُجْزِئُ كَفَّارةُ الرَّجُلِ عَنْهُمَا، وثالثٌ: أَنَّ الكَفَّارَةَ الواحدةَ تُجْزِئُهُمَا إلَّا الصِّيَامَ فإنَّه عَلَيْهِمَا جميعًا كاملًا عَنْ كلِّ واحدٍ، وإِنْ أَكْرَهَهَا فالصَّومُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، حَكَاهُ أَبُو عُمَرَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، وبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي أصحِّ الرِّوَايَتَينِ.
          ولِلشَّافِعِيِّ أقوالٌ أظهرُها أنَّ الكَفَّارَةَ عنه، وبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوايتينِ، وفي قولٍ: عَنْهُ وعَنْهَا، وفي قولٍ: عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخرَى، وبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ ومالكٌ كَمَا سَبَقَ، وفي قولٍ: أنَّ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَفَّارَتَينِ: كَفَّارَةً عَنْهُ وكَفَّارَةً عنها، وهُوَ مُصَادِمٌ للنَّصِّ فإنَّه لم يأمرْه إلَّا بكفَّارةٍ واحدةٍ. واختَلَفُوا إِذَا وَطِئَهَا مُكرَهَةً: فَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ كفَّارتانِ عَنْهُ وعَنْهَا، وكَذَا إنْ وَطِئَ أَمَتَهُ كَفَّرَ كفَّارتينِ، وقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: عَلَيْهِ كفَّارةٌ واحدةٌ ولَا شيءَ عَلَيْهَا، وقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كفَّارةٌ واحدةٌ سواءٌ طَاوَعَتْهُ أو أكْرَهَهَا كَمَا سَلَفَ، ولَا تَجْرِي فِيْهَا الأقوالُ؛ ووَجْهُهُ أنَّ الشَّارِعَ لم يَستَفصِلْ بينَ الطَّائِعَةِ والمُكْرَهَةِ، ولو كانَ الحالُ يختلفُ بَيَّنَهُ، وحُجَّةُ المُوجَبِ عَلَيْهَا فِي الطَّواعيةِ القياسُ عَلَى قضاءِ ذَلِكَ اليومِ، وفي الكراهيةِ أنَّه سَبَبُ فَسَادِ صومِها بتعدِّيه الَّذِي أوجبَ عَلَيْهِ الكفَّارةَ عَنْ نفسِه فوَجَبَ أنْ يُكَفِّرَ عنها، وهذا مبنيٌّ عَلَى أصولِهم إِذَا أَكرَهَهَا فأَفْسَدَ حَجَّهَا بالوَطْءِ فعَلَيْهِ أنْ يُحِجَّهَا مِنْ مالِه ويَهْدِيَ عَنْهَا، وكَذَلِكَ إِذَا حَلَقَ رأسَ مُحرِمٍ نائمٍ فإنَّه يَنْسُكُ عنه؛ لِأَنَّهُ أدخلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بتعدِّيه مِنْ غيرِ اختيارٍ مِنَ المفعولِ بِهِ، ولَا يلزمُ عَلَى هَذَا النَّاسِي والحائضِ والمريضِ وغيرِهم مِنَ المعذورينَ إِذَا أَفْطَرُوا، لأنَّ السَّبَبَ أَتَاهُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ ╡، وفي مسألتِنا الفطرُ أَتَى مِنْ قِبَلَ الوَاطِئِ، والكفَّارةُ تَتَعَلَّقُ بالذِّمَّةِ، لأنَّ مالَه لو تَلِفَ لم تَسقُطْ.
          تَنْبِيْهَاتٌ: أوَّلُهَا: إِذَا قلنا بالتَّخيِيرِ عَلَى قولِ مالكٍ، فرَوَى عبدُ المَلِكِ عَنْهُ: الإطعامُ أفضلُ. ومتأخِّرو أصحابِهم يُرَاعُونَ الأوقاتَ فإنْ كانَ وقتَ مجاعةٍ فالإطعامُ أَولَى، أو خِصْبٍ فالعِتْقُ أَولَى، وأفتى بعضُهم فِيْمَن استفتاه فِي ذَلِكَ مِنْ أهلِ الغِنَى الواسعِ بالصِّيَامِ لَمَّا عَلِمَ أنَّه أَشَقُّ عَلَيْهِ، وعَنِ ابنِ أبي ليلى: هُوَ مُخَيَّرٌ بينَ العِتْقِ والصِّيَامِ فإنْ عَجَزَ عنهما أَطْعَمَ، وإليه ذَهَبَ ابنُ جَرِيرٍ.
          ثَانِيْهَا: التَّتَابُعُ: التَّوَالِي، وكَافَّةُ أهلِ العلمِ عَلَى تَتَابُعِ الصَّومِ خلافًا لابنِ أبي ليلى.
          ثَالِثُهَا: حَكَى الدَّاوُدِيُّ عَنِ ابنِ مَسْعُوْدٍ أَنَّ عَلَى الوَاطِئِ صَوْمَ ثلاثةِ آلافِ يومٍ، وقَدْ أَسْلَفْنَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، والَّذي ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ عَنِ ابنِ مَسْعُوْدٍ مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ حَكَى عَنِ النَّخَعِيِّ مِثْلَ مَا حَكَاهُ عَنِ ابنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا حَكَاهُ البُخَارِيُّ عَنِ النَّخَعِيِّ؛ لأنَّ هَذَا فِيْمَنْ أَفْطَرَ بأكلٍ، والَّذي ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِيْمَنْ أَفْطَرَ بجماعٍ، كَذَا ادَّعَى، فَتَأَمَّلْهُ.
          رَابِعُهَا: إِذَا أَفْطَرَ بأكلٍ، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: يُطْعِمُ ثلاثينَ مِسْكِيْنًا، وقَالَ مَالِكٌ: سِتِّينَ، ومثلُه أَبُو حَنِيْفَةَ، إلَّا أنَّه فَصَّلَ بينَ البُرِّ وغيرِه كَمَا سَلَفَ، والشَّافِعِيُّ قَالَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، كَمَا سَلَفَ.
          خَامِسُهَا: قولُه ◙ لِلرَّجُلِ: (هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟) قَالَ: لَا، ظاهرٌ فِي شِدَّةِ فقرِه، وكَذَا فِي الصِّيَامِ فيُنْظَرُ حَتَّى يَجِدَ أَوْ يَقْوَى. وقَدْ صَرَّحَ بفقرِه بعدُ، أعلمَه أنَّ بِهِ وبعيالِه حَاجَةً أَشَدَّ مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى تعجيلِ الكَفَّارَةِ.
          ومعنى: (بَدَتْ أَنْيَابُهُ) ظَهَرَتْ، قيل: ضَحِكُهُ لوُجُوبِ الكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، ثمَّ أَعْطَاهُ الصَّدَقَةَ فَضْلًا مِنَ اللهِ.
          ومعنى: (تُحَرِّرُ رَقَبَةً) تُعْتِقُهَا، ومِنْهُ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النِّساء:92]. يُقَالُ: حَرَّرْتُ العبدَ إِذَا جَعَلْتُهُ حُرًّا. ولِلْبَيْهَقِيِّ: ((جَاءَ رَجُلٌ وَهُوَ يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَدُقُّ صَدْرَهُ وَيَقُولُ: هَلَكَ الأَبْعَدُ وَأَهْلَكْتُ))، وفِي لَفْظٍ: ((وَيَدْعُو بِالوَيِل))، وروايةٍ: ((هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ)) رَوَاهَا المُعَلَّى بنُ مَنْصُوْرٍ عَنْ سُفْيَانَ، وليسَ بذاكَ الحافظِ، وضَعَّفَهَا الحاكمُ.
          سَادِسُهَا: هَذَا الرَّجلُ، قَالَ ابنُ بَشْكُوَالَ: إنَّه سَلَمَةُ بنُ صَخْرٍ البَيَاضِيُّ فِيْمَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي «مُسنَدِهِ» وعِنْدَ ابنِ الجَارُودِ: سَلْمَانُ بنُ صَخْرٍ، ولَعَلَّهُ هُوَ المُظَاهِرُ فِي رَمَضَانَ حَتَّى ينسلخَ، فَلَمَّا مَضَى نِصْفُهُ وَقَعَ ليلًا، كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وكانَ مِنْ عَادَتِهِ أنَّه إِذَا نَزَا عَلَى أهلِه ليلًا يَطْلُعُ الفَجْرُ وهُوَ كذلكَ.
          سَابِعُهَا: أَطْلَقَ الرَّقَبَةَ فَشَمِلَ الكافرةَ والصَّغِيرةَ، وهُوَ مذهبُ أَبِي حَنِيْفَةَ وأصحابِه وجعلُوه كالظِّهَارِ، وفي «الدَّارَقُطْنِيِّ» مِنْ حديثِ إسماعيلَ بن سالمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّه ◙: ((أَمَرَ الَّذِي أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ))، وتشملُ أَيْضًا المعيبةَ، وهُوَ مذهبُ دَاوُدَ لكنَّه نُقِضَ فالمانعُ ظاهرٌ، ومالكٌ والشَّافِعِيُّ وأحمدُ يشترطُون فِيْهَا الإيمانَ بدليلِ تَقيِيدِهَا فِي كَفَّارَةِ القتلِ، وهُوَ ممَّا حُمِلَ فِيْهِ المُطْلَقُ عَلَى المُقَيَّدِ.
          ولا شَكَّ أنَّ مقصودَ الشَّارِعِ بالعِتْقِ تخليصُ الرَّقَبَةِ مِنْ رِبْقَةِ الرِّقِّ لتَتَفَرَّغَ لعبادةِ الرَّبِّ جلَّ جلالُه ولنُصرَةِ الإسلامِ، وهذا المعنى مفقودٌ في الكَافِرِ، وقَدْ قَالَ الشَّارِعُ: ((أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)).
          ثامنُها: معنى: (تَسْتَطِيعُ) تَقوَى وتَقدِرُ، كَمَا سَلَفَ، وفي بعضِ رواياتِ الحديثِ: ((وَهَلْ أُتِيْتُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الصَّوْمِ))، فاقتضى ذَلِكَ عَدَمَ استطاعتِه بسَبَبِ شِدَّةِ الشَّبَقِ، والأَصَحُّ عندنا أنَّ لَهُ العُدُولَ عَنِ الصَّومِ إِلَى الإطعامِ بسَبَبِ ذَلِكَ.
          تاسعُها: روايةُ مالكٍ فِي «المُوَطَّأِ»: ((فَأَمَرَهُ ◙ أَنْ يُكَفِّر بِعِتْقِ رَقَبةٍ / أَوْ صِيَامٍ أَوْ إِطْعَامٍ)) بـ ((أَوْ)) كَمَا أَسْلَفْنَاهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لم يختلفْ رُوَاةُ «المُوَطَّأِ» عَلَى مالكٍ بلفظِ التَّخيِيرِ، وتَابَعَهُ ابنُ جُرَيْجٍ وأَبُو إِدْرِيْسَ عَنِ ابنِ شِهَابٍ، وكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بنُ أبي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيمَانَ بن بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بن سَعِيدٍ عَنِ ابنِ شِهَابٍ، وقَالَ ابنُ قُدَامَةَ: دِلَالَةُ التَّرتِيبِ الحديثُ الصَّحِيحُ رَوَاهُ مَعْمَرٌ ويُونُسُ والأَوْزَاعِيُّ، واللَّيثُ ومُوْسَى بنُ عُقْبَةَ وعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ وعِرَاكُ بنُ مالكٍ وإِسمَاعِيلُ بنُ أُمَيَّةَ ومُحَمَّدُ بنُ أبي عَتِيقٍ وغيرُهم. زَادَ أَبُو عُمَرَ: ابنَ عُيَيْنَةَ وشُعَيبَ بنَ أَبِي حمزةَ وعَبْدَ الرَّحمَنِ بنَ خَالِدِ بنِ مُسَافِرٍ وإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعْدٍ والحَجَّاجَ بنَ أَرْطَأَةَ وابنَ المُعْتَمِرِ، قَالَ: وفي قولِ الشَّعْبِيِّ والزُّهْريِّ: أنَّ عَلَى المفطرِ فِي رَمَضَانَ عِتْقَ رقبةٍ، أو إطعامَ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا أو صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، مَا يقضي لروايةِ مالكٍ بالتَّخيِيرِ. قَالَ ابنُ قُدَامَةَ: والأَخْذُ بِهَذَا أَولَى مِنْ روايةِ مالكٍ وابنِ جُرَيْجٍ لأنَّ أصحابَ الزُّهْريِّ اتَّفَقُوا عَلَى روايتِه، هكذا سواهما فِيْمَا عَلِمْنَا، واحتمالُ الغَلَطِ فِيْهِمَا أكثرُ مِن احتمالِه فِي سَائِرِ أصحابِه، وقَدْ أسلفنا زيادةً عَلَى ذَلِكَ فُلَيْحَ بنَ سُلَيمَانَ وعَمْرَو بنَ عُثْمَانَ.
          عاشرُها: أجمعُوا كما قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: أَنَّ المُجَامِعَ فِي قَضَاءِ رمضانَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، حَاشَى قَتَادةَ وَحْدَهُ، وأجمعُوا أَيْضًا أَنَّ المُفطِرَ فِي قَضَاءِ رمضانَ لَا يقضيه إلَّا ابنَ وَهْبٍ، وأجمعُوا أنَّ مَنْ وَطِئَ فَكَفَّرَ ثمَّ وَطِئَ فِي يومٍ آخَرَ مِنْهُ أنَّ عَلَيْهِ كفَّارةً أُخرَى، وأجمعُوا على أنَّه لَيْسَ عَلَى مَنْ وَطِئَ مرارًا فِي يومٍ واحدٍ إلَّا كَفَّارَةٌ واحدةٌ، فإنْ وَطِئَ فِي يومٍ مِنْ رَمَضَانَ ولَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى وَطِئَ فِي يومٍ آخَرَ، فذَهَبَ الأربعةُ خَلَا أَبَا حنيفةَ أَنَّ عَلَيْهِ لكلِّ يومٍ كَفَّارَةً كَفَّرَ أو لم يُكَفِّرْ. وقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ واحدةٌ إِذَا وَطِئَ قبلَ أَنْ يُكَفِّرَ، وقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَحَبُّ إليَّ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ كلِّ يومٍ، وأرجو أَنْ تُجزِئَهُ كَفَّارَةٌ واحدةٌ مَا لم يُكَفِّرْ.
          حادي عشرها: ذِكْرُ البَدَنَةِ فِي هَذَا الحديثِ لَا أعلمُه رُوِيَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلعم مسندًا إلَّا مِنْ روايةِ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وعَطَاءٍ جميعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يرفعُه: ((أَعْتِقْ رَقَبَةً))، ثمَّ قَالَ: ((انْحَرْ بَدَنَةً))، ذَكَرَه البُخَارِيُّ فِي «تاريخِه» عَنِ ابنِ شَرِيْكٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ لَيْثٍ، وقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وذَكَرَ عَطَاءً فِي كتابِ «الضُّعَفَاءِ» أَيْضًا بِهَذَا الحديثِ، وقَالَ: لم يُتَابَعْ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وأَحسَنُ طُرُقِهِ عِنْدِي مَا حَدَّثَنَاهُ عبدُ الوَارِثِ، ثمَّ سَاقَهُ مِنْ حديثِ جَريرٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثمَّ سَاقَه، وقَالَ: فَقَدْ وَجَدنَا ذِكْرَ البَدَنَةِ مِنْ غيرِ روايةِ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، فلا وَجْهَ لإنكارِ مَنْ أنكرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وما أعلمُ أحدًا أفتى بِبَدَنةٍ إلَّا عَطَاءً والحَسَنَ. وقَالَ ابنُ حَزْمٍ: فإِنْ تَعَلَّلُوا فِي مُرْسَلِ سَعِيدٍ بأنَّه ذكرَ لَهُ بِمَا رَوَاهُ عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ سَعِيدٌ: كَذَبَ، إنَّمَا قُلْتُ: قَالَ لَهُ: ((تَصَدَّقَ بَصَدَقَةٍ))، فإنَّ الحَسَنَ وقَتَادةَ وعَطَاءَ بنَ أبي رَبَاحٍ قَدْ رَوَوْهُ أَيْضًا مُرْسَلًا. وفِيْهِ الهَدْيُ للبَدَنَةِ، وأَمَّا حَدِيْثُ هَارُونَ بنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أبي ثَابِتٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ: ((أَتَى رَجُلٌ رَسُوْلَ اللهِ صلعم فَقَالَ: أَفْطَرْتُ عَامَّةَ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا سَفَرٍ، فَقَالَ لَهُ: أَعْتِقْ رَقَبَةً، قَالَ: لَا أَجِدُ...)) الحديثَ. فَقَالَ الرَّازِيَّانِ: إنَّه خَطَأٌ، وإِنَّمَا هُوَ حَبِيْبٌ عَنْ طَلْقٍ عَنِ ابنِ المُسَيِّبِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلعم مُرْسَلًا، قَالَ عَبْدُ الرَّحمَنِ: قُلْتُ لأَبِي: مِمَّنِ الوَهْمُ؟ قَالَ لَا أَدرِي.
          خَاتِمَةٌ: مِنَ الفَوَائِدِ الجليلةِ روايةُ البُخَارِيِّ فِي بعضِ طُرُقِه: ((فَأَعْتِقْ رَقَبَةً)) ((فَصُمْ شَهْرَيْنِ)) و((فَأَطْعِمْ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا)) عَلَى الأَمْرِ. وقَالَ فِي آخِرِه: ((فَأَنْتُمْ إِذَنْ))، ومِنْ تراجمِه عَلَيْهِ: بَابُ: نَفَقَةِ المُعْسِرِ عَلَى نَفْسِهِ، وأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ حديثِ عَائِشَةَ، واعلم أنَّ حديثَ المُجَامِعِ قَدْ أُفْرِدَ بالتَّألِيفِ فِي مُجَلَّدَينِ، وقَدْ ذكرنا عيونًا مِنْهُ هُنَا وفي «شرحِ العمدةِ» أَيْضًا فليُرَاجَعْ.