التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب حق الضيف في الصوم

          ░54▒ بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ فِي الصَّوْمِ
          1974- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلعم... فَذَكَرَ الحَدِيثَ، يَعْنِي: (إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا)، فَقُلْتُ: وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: (نِصْفُ الدَّهْرِ).
          إِسْحَاقُ هَذَا قَالَ الجَيَّانِيُّ: لم يَنْسُبْهُ أَحَدٌ مِنْ شُيُوخِنَا ولَا أَبُو نَصْرٍ، ورَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي «مُسْتَخْرَجِهِ» عَنْ أَبِي أحمدَ حَدَّثَنَا ابنُ شِيْرَوَيْهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ أَخْبَرَنَا هَارُونُ حَدَّثَنَا عليُّ بنُ المَبَارَكٍ، وقَدْ جَاءَ فِي إكرامِ الضَّيْفِ وبِرِّهِ أحاديثُ، وهُوَ مِنْ صُنْعِ المُرْسَلِيْنَ، أَلَا تَرَى مَا صَنَعَ إِبْرَاهِيْمُ صلعم بِضَيْفِهِ حِيْنَ جَاءَهُمْ بِعِجْلٍ سَمِيْنٍ، وصَحَّ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ))، ومِنْ إِكْرَامِهِ أنْ يَأْكُلَ مَعَهُ ولَا يُوْحِشَهُ بأنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ، وهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ((وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا))، يُرِيدُ أنْ تُطْعِمَهُ أَفْضَلَ مَا عِنْدَكَ وتَأْكُلَ مَعَهُ، أَلَا تَرَى أنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ صَائمًا فَزَارَهُ سَلْمَانُ فَلَمَّا قَرَّبَ إِلَيْهِ الطَّعامَ قَالَ: لَا آكَلُ حَتَّى تَأْكُلَ، فأَفْطَرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ أَجْلِهِ وأَكَلَ مَعَهُ، ومِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُوْمَ بِحَقِّهِ.
          و(الزَّوْرُ): الضَّيْفُ، والرَّجُلُ يأتيهِ زائرًا، الوَاحِدُ والاثنانِ والثَّلَاثَةُ والمُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ بلفظٍ وَاحِدٍ، يُقَالُ: هَذَا رَجٌلٌ زَوْرٌ، ورَجُلَانِ زَوْرٌ، وقَوْمٌ زَوْرٌ، فَيُوَحَّدُ فِي كلِّ موضعٍ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الأَسمَاءِ، ومثلُ ذَلِكَ: هُمْ قَوْمٌ صَوْمٌ وفِطْرٌ وعَدْلٌ فِي أنَّ المُذَكَّرَ والمُؤَنَّثَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وقَدْ سَلَفَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وقِيْلَ: زَوْرٌ جمعُ زَائِرٍ مثلُ تَاجِرٍ وتَجْرٍ.
          وحَقُّهَا هُنَا يُرِيدُ الوَطْءَ، فَإِذَا سَرَدَ الصَّوْمَ ووَالَى قِيَامَ اللَّيْلِ ضَعُفَ عَنْ حَقِّهَا، وفِي لَفْظٍ: ((إِنَّ لِأَهْلِكَ)) بَدَلَ (زَوْجِكَ) والمُرَادُ بِهِمْ هُنَا: الأَوْلَادُ والقَرَابَةُ، ومِنْ حَقِّهِمُ الرِّفْقُ بِهِمْ والإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ وشِبْهُ ذَلِكَ، والزَّوْجُ أَفْصَحُ، وفِي لُغَةٍ: زَوْجَةٌ.