-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
باب وجوب صوم رمضان
-
باب فضل الصوم
-
باب الصوم كفارة
-
باب الريان للصائمين
-
باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ومن رأى كله واسعًا
-
باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيةً
-
باب: أجود ما كانَ النبي يكون في رمضان
-
باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم
-
باب: هل يقول: إني صائم إذا شتم؟
-
باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة
-
باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا
-
باب: شهرا عيد لا ينقصان
-
باب قول النبي: لا نكتب ولا نحسب
-
باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين
-
باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}
-
باب قول الله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}
-
باب قول النبي: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال
-
باب تأخير السحور
-
باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر
-
باب بركة السحور من غير إيجاب
-
باب: إذا نوى بالنهار صومًا
-
باب الصائم يصبح جنبًا
-
باب المباشرة للصائم
-
باب القبلة للصائم
-
باب اغتسال الصائم
-
باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا
-
باب سواك الرطب واليابس للصائم
-
باب قول النبي: إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء
-
باب: إذا جامع في رمضان
-
باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر
-
باب الحجامة والقيء للصائم
-
باب الصوم في السفر والإفطار
-
باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر
-
باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر
-
باب: لم يعب أصحاب النبي بعضهم بعضًا في الصوم والإفطار
-
باب من أفطر في السفر ليراه الناس
-
باب: {وعلى الذين يطيقونه فدية}
-
باب: متى يقضى قضاء رمضان؟
-
باب: الحائض تترك الصوم والصلاة
-
باب من مات وعليه صوم
-
باب: متى يحل فطر الصائم؟
-
باب: يفطر بما تيسر عليه بالماء وغيره
-
باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس
-
باب صوم الصبيان
-
باب الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام
-
باب التنكيل لمن أكثر الوصال
-
باب الوصال إلى السحر
-
باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه
-
باب صوم شعبان
-
باب ما يذكر من صوم النبي وإفطاره
-
باب حق الضيف في الصوم
-
باب حق الجسم في الصوم
-
باب صوم الدهر
-
باب حق الأهل في الصوم
-
باب صوم يوم وإفطار يوم
-
باب صوم داود
-
باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة
-
باب من زار قومًا فلم يفطر عندهم
-
باب الصوم آخر الشهر
-
باب صوم يوم الجمعة
-
باب: هل يخص شيئًا من الأيام؟
-
باب صوم يوم عرفة.
-
باب صوم يوم الفطر
-
باب الصوم يوم النحر
-
باب صيام أيام التشريق
-
باب صيام يوم عاشوراء
-
باب وجوب صوم رمضان
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░33▒ بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَالإِفْطَارِ
1941- ذَكَرَ فيهِ حَدِيْثَ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ واسمُهُ سُلَيْمَانُ بنُ فَيْرُوزَ سَمِعَ ابنَ أَبِي أَوْفَى: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي سَفَرٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي) الحديثَ. تَابَعَهُ جَرِيرٌ وأَبُو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلعم فِي سَفَرٍ).
1942- 1943- وحَدِيْثَ يَحْيَى و مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وفِي رِوَايةٍ: < أَصُومُ فِي السَّفَرِ؟> وكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ).
الشَّرْحُ: حَدِيثُ ابنِ أبي أَوْفَى أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وزَادَ أنَّه: ((فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)) ((وإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنَا)). وفي بعضِ طُرُقِ البُخَارِيِّ: <أَنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا جَدَحَ فِي المَرَّةِ الرَّابِعَةِ بِمَا أَمَرَهُ رَسُوْلُ اللهِ صلعم وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يُرَاجِعُهُ>، وفِي أُخْرَى: <أنَّه جَدَحَ فِي الثَّالِثَةِ>، ومُتَابَعَةُ جَرِيْرٍ خَرَّجَها فِي الطَّلَاقِ [خ¦5297]، ومُتَابَعَةُ أَبِي بَكْرِ بنِ عَيَّاشٍ سَتَأْتِي [خ¦1958]، وحَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، وانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بإخْرَاجِهِ مِنْ حَدِيْثِ حَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو.
قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: الحديثُ محفوظٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ، كَذَا رَوَاهُ جماعةٌ مِنْهُمُ ابنُ عُيَيْنَةَ، وَعَدَّدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ كلُّهم عَنْ هِشَامٍ بِهِ، ورَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ وجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ والمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ حَمْزَةَ. كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى بن يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ ورَوَاهُ ابنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ. ورَوَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ _وهُوَ ثَبْتٌ فِي عُرْوَةَ_ عَنْهُ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ حَمْزَةَ، ورَوَاهُ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ حَمْزَةَ، وسِنُّهُ قَريبٌ مِنْ سِنِّ عُرْوَةَ، وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُوْنَ عُرْوَةُ سَمِعَهُ مِنْ عَائِشَةَ وَمِنْ أبي مُرَاوِحٍ جميعًا عَنْ حَمْزَةَ، فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وأَرْسَلَهُ أَحْيَانًا. وقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بنُ سُلَيْمَانَ، ويَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَالِمٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ حَمْزَةَ، وخَالَفَهُمُ الحُفَّاظُ: الثَّوْرِيُّ وشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ، وعَدَّدَ سِتَّةَ عَشَرَ نَفْسًا فَرَوَوْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ حَمْزَةَ قَالَ.
وحديثُ أبي مُرَاوِحٍ صحيحٌ، وأمَّا قولُ ابنِ لَهِيْعَةَ: عَنْ عِمْرَانَ بنِ أبي أَنَسٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ عَنْ حَمْزَةَ، فوَهْمٌ مِنْهِ. قُلْتُ: وفي البابِ عَنْ أَنَسٍ وابنِ عَبَّاسٍ وأَبِي سَعِيْدٍ وجابرٍ وأبي الدَّرْدَاءِ وأمِّ الفَضْلِ ومَيْمُونةَ كلُّهم فِي «الصَّحِيحِ»، وابنِ عُمَرَ وهذا فِي «مُسْنَدِ أحمدَ»، وسَلَمَةَ بنِ المُحَبِّقِ فِي «أبي دَاوُدَ».
ولِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ فأَفْطَرَ وَصُمْتُ قَالَ: ((أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ))، ثمَّ حَسَّنَ إِسْنادَهُ، وقَالَ الخَلَّالُ فِي «عِلَلِهِ» عَنْ أَحْمَدَ: حديثٌ مُنْكَرٌ.
وحَدِيْثُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ: ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم شَرِبَ قَاعِدًا وَقَائِمًا، وَفِي السَّفرِ صَائِمًا وَمُفْطِرًا)). قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَاهُ عَنْهُ ابنُ أبي السَّمْحِ، ولَيْسَ بِالقَوِيِّ.
إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فالكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: الرَّجُلُ الَّذِي قَالَ لَهُ: (اجْدَحْ لَنَا) جَاءَ فِي بعضِ طُرُقِ الحديثِ أنَّه بِلَالٌ، والجَدْحُ _بجيمٍ مفتوحةٍ ثمَّ دالٍ ساكنةٍ ثمَّ حاءٍ مُهْمَلَةٍ_ أنْ يُحَرِّكَ السَّوِيقَ بالماءِ فَيَخُوْضَ حَتَّى يَسْتَوِيَ، وكَذَلِكَ اللَّبَنُ ونحوُه، والمِجْدَحُ _بكسرِ الميمِ_ عُوْدٌ مُجَنَّحُ الرَّأْسِ تُسَاطُ بِهِ الأَشْرِبَةُ، وربَّما يكونُ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ، وقَالَ الدَّاوُدِيُّ: (اجْدَحْ) يعني احْلُبْ، قَالَ: ومِنْهُ قِيْلَ لِبَعْضِ النُّجُومِ الَّتِي يَكُونُ النَّوْءُ عِنْدَ ارتفاعِها وهُبُوطِها: مَجَادِحُ، ورَدَّهُ عِيَاضٌ وغَيْرُهُ، وقَالَ ابنُ سِيْدَهْ وصَاحِبُ «العينِ»: المِجْدَحُ خَشَبَةٌ فِي رَأْسِهَا خَشَبَتَانِ مُعْتَرِضَتَانِ، وكلُّما خَلَطَ فقَدْ جَدَحَ، وعَنِ القَزَّازِ هُوَ كالمِلْعَقَةِ، وقَالَ الجَوْهَرِيُّ: جَدَحْتُ السَّوِيْقَ واجْتَدَحْتُهُ أي: لَتَتُّهُ، وفي «المُنْتَهَى»: شَرَابٌ مَجْدُوْحٌ ومُجَدَّحٌ أي: مَخُوْضٌ، والمِجْدَحُ: عُوْدٌ ذُو جَوَانِبَ، وهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابنُ فارسٍ، وقِيْلَ: هُوَ عُوْدٌ يُعَرَّضُ رَأْسُهُ، والجَمْعُ: مَجَادِحُ، وقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: المُجَدَّحُ الشَّرابُ المَخُوضُ بِالمِجْدَحِ.
ثَانِيْهَا: قولُهُ: (يَا رَسُولَ اللهِ، الشَّمْسُ) ظَنَّ أنَّ الفِطْرَ لَا يَحِلُّ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ ساطعًا، وإنْ كانَ جِرْمُها غائبًا نُوْرُهُ، فَلِذَلِكَ قَالَ ذلكَ، وفي بعضِ رواياتِ «الصَّحِيحِ»: <إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا> وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي روايةٍ أُخْرَى: ((لَوْ أَمْسَيْتَ)) أي: تأخَّرْتَ حَتَّى يَدْخُلَ المَسَاءُ، وتَكْرِيْرُهُ المَرَاجَعَةَ لَغَلَبَةِ اعْتِقَادِهِ أنَّ ذَلِكَ نهارًا يَحْرُمُ فِيْهِ الأكلُ مَعَ تَجْوِيزِهِ أنَّه ◙ لم يَنْظُرْ إِلَى ذَلِكَ الضَّوءِ نَظَرًا تَامًّا، فَقَصَدَ زِيَادَةَ الإعلامِ، فَأَعْرَضَ ◙ عَنِ الضَّوْءِ واعْتَبَرَ غَيْبُوْبَةَ الشَّمْسِ، ثمَّ بَيَّنَ مَا يَعْتَبِرُهُ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رُؤْيَةِ جِرْمِ الشَّمْسِ وهُوَ إقبالُ الظُّلْمَةِ مِنَ المَشْرِقِ، فإنَّها لَا تُقْبِلُ مِنْهُ إلَّا وقَدْ سَقَطَ القُرْصُ، ومَعنَى (أَفْطَرَ): دَخَلَ وَقْتُ فِطْرِهِ.
ثَالِثُهَا: فِيْهِ استحبابُ تَعْجِيْلِ الفِطْرِ، وأنَّ الصَّوْمَ ينقضي بمُجَرَّدِ الغُرُوبِ، وتَذْكِيْرُ العَالِمِ بِمَا يُخَافُ أَنَّهُ يَكُونُ نَسِيَهُ، وإِسْرَاعُ النَّاسِ إِلَى إنكارِ مَا يَجْهَلُونَ / لِمَا جُهِلَ مِنَ الدَّلِيلِ الَّذِي عَلِمَهُ الشَّارِعُ، وأنَّ الجاهلَ بالشَّيْءِ يَنْبَغِي أن يُسْمَحَ لَهُ فِيْهِ المَرَّةَ بَعْدَ المَرَّةِ، والثَّالِثَةُ تكونُ فاصلةً بينَه وبينَ مُعَلِّمِهِ، وكَمَا فَعَلَ الخَضِرُ بمُوْسَى وقَالَ: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف:78]، وفِيْهِ أَيْضًا أنَّ الفِطْرَ عَلَى التَّمرِ لَيْسَ بِواجبٍ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لو تَرَكَهُ جَازَ.
رَابِعُهَا: مَعْنَى (أَسْرُدُ الصَّوْمَ) آتي بِهِ مُتَوَاليًا، مِنْ سَرَدَ يَسْرُدُ _بضمِّ راءِ المُضَارِعِ_ وضُبِطَ فِي بعضِ الأمَّهاتِ بِضَمِّ الهمزةِ، ولَا وَجْهَ لَهُ فِي اللُّغةِ كَمَا قَالَ ابنُ التِّيْنِ إلَّا أنْ يُرِيدَ _بِفَتْحِ السِّينِ وتشديدِ الرَّاءِ_ عَلَى التَّكثِيرِ، وفِيْهِ رَدٌّ لِمَنْ يَرَى كَرَاهِيَةَ سَرْدِ صَوْمِ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لم يُنْكِرْ عَلَيْهِ وأَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ، ففي الحَضَرِ أَوْلَى، وهُوَ عندَنا مكروهٌ لِمَنْ خَافَ ضَرَرًا أو فَوْتَ حَقٍّ ومُسْتَحَبُّ لغيرِهِ، ويُحْمَلُ نَهْيُهُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو عَلَى ضَعْفِهِ عَنْ ذلكَ؛ لأنَّ حَمْزَةَ ذَكَرَ قُوَّةً ذَكَرَها غَيْرُهُ، وكَانَ ذَلِكَ مِنْ أعْلامِ نُبُوَّتِهِ؛ كَبِرَ عَبْدُ اللهِ وضَعُفَ وقَالَ: لَيتَنِي أَخَذْتُ برُخْصَةِ رَسُولِ اللهِ صلعم، ثمَّ ظَاهِرُهُ جَوَازُ صَوْمِ الفَرْضِ أَيْضًا فِي السَّفَرِ، وإنْ قيلَ: إِنَّه يحتملُ أنْ يُرِيدَ التَّطَوُّعَ عَمَلًا بقولِهِ: (إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ)، وهُوَ مذهبُ أهلِ الظَّاهِرِ، وفي «مُسْلِمٍ»: أنَّ حَمْزَةَ بنَ عَمْرٍو قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ ◙: ((هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا، فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ))، وهُوَ ظاهرٌ أنَّ سُؤَالَهُ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ.
خَامِسُهَا: الحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى تخييرِ الصَّائِمِ فِي السَّفَرِ بينَه وبَيْنَ تَرْكِهِ، والعِدَّةُ فِي الآيةِ لِمَنْ أَفْطَرَ إلَّا أنَّه يصومُ ويقضي، ومِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ التَّخيِيرُ: ابنُ عَبَّاسٍ، وذَكَرَ أَنَسٌ وأَبُو سَعِيْدٍ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ، وبِهِ قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وعَطَاءٌ وابنُ جُبَيْرٍ والحَسَنُ والنَّخَعِيُّ ومجاهدٌ والأَوْزَاعِيُّ واللَّيثُ، واختُلِفَ فِي الأفضلِ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ، فَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بنِ أبي العَاصِ وأَنَسِ بنِ مالكٍ أنَّ الصَّومَ أَفْضَلُ، وهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وسَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ والأَسْوَدِ بنِ يَزِيدَ، وحَكَاهُ ابنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ وحُذَيفَةَ أَيْضًا، وإليهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيْفَةَ وأصحابُه والشَّافِعِيُّ ومالكٌ والثَّورِيُّ وأَبُو ثَوْرٍ.
ورُوِيَ عَنِ ابنِ عُمَرَ وابنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ والشَّعْبِيِّ: أنَّ الأفضلَ الفِطْرُ لِأَنَّهُ رخصةٌ وصدقةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا فيجبُ قَبولُها، وهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ وأحمدَ وإِسْحَاقَ وعبدِ الملكِ مِنَ المَالِكِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وابنِه وأَبِي هُرَيْرَةَ وابنِ عَبَّاسٍ: إنْ صَامَ فِي السَّفَرِ لم يُجْزِئْهُ وعَلَيْهِ القَضَاءُ فِي الحَضَرِ، وعَنْ عَبْدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوْفٍ قَالَ: الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالمُفْطِرِ فِي الحَضَرِ، ذَكَرَهُ أَجْمَعَ ابنُ المُنْذِرِ، وبِهِ قَالَ أهلُ الظَّاهِرِ، وحَكَاهُ ابنُ التِّيْنِ عَنْ دَاوُدَ والنَّخَعِيِّ ومَنْ تَابَعَهُمَا. وقَدْ صَحَّ التَّخيِيرُ فِي الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ والفِطْرِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلعم مِنْ حَدِيثِ حمزةَ بنِ عَمْرٍو وأَنَسٍ وابنِ عَبَّاسٍ وأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وأنَّ النَّبِيَّ صلعم وأصحابَه صَامُوا مَرَّةً وأَفْطَرُوا أُخْرَى، فَلَمْ يَعِبْ بعضُهم عَلَى بعضٍ، فلا يُلْتَفَتُ إِلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ لأنَّ الحُجَّةَ فِي السُّنَّةِ، والأحاديثُ السَّالِفَةُ شاهدةٌ لَهُ. وفي «المُسْتَدْرَكِ» لِلحَاكِمِ: أنَّ حمزةَ قَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ، وَأَنَا أَجِدُ القُوَّةَ، وَأَنَا شَابٌّ)). وفي «البَزَّارِ» و«ابنِ حِبَّانَ» مِنْ حَدِيْثِ أَبِي سَعِيْدٍ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلعم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ والنَّاسُ صِيَامٌ فِي يَوْمِ صَائِفٍ انْتَهَى إِلَى نَهْرٍ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ فقَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اشْرَبُوا))، فجَعَلُوا يَنظرون إِلَيْهِ فقَالَ: ((إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي رَاكِبٌ وَأَنْتُمْ مُشَاةٌ...)) الحديثَ، وقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:184]. وفي «عِلَلِ ابنِ أَبِي حَاتِمٍ» عَنْ أَنَسٍ: سافَرْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فمنَّا الصَّائمُ ومنَّا المُفْطِرُ، وكانَ مَنْ صَامَ فِي أنفسِنا أَفْضَلَ، وكانَ المُفْطِرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ ويَسْتَقُونَ، فقَالَ صلعم: ((ذَهَبَ المُفْطِرُونَ بِالأَجْرِ))، قَالَ أبي: هَذَا حديثٌ مُنْكَرٌ.
وقَالَ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ ومجاهدٌ وقَتَادَةُ: أَفْضَلُ الأمْرَين أَيْسَرُهما عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ} الآية [البقرة:185]. قَالَ ابنُ المُنْذِرِ: وبِهِ أقولُ، ومِمَّنْ كَانَ يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَلَا يَفْطُرُ: عائشةُ وقَيْسُ بنُ عُبَادٍ وأَبُو الأَسْودِ وابنُ سِيْرِيْنَ وابنُ عُمَرَ وابنُه سالمٌ وعَمْرُو بنُ مَيْمونٍ والأَسْودُ بنُ يَزِيدَ وأبو وائلٍ.
وعِنْدَ ابنِ عَبْدِ البَرِّ: قَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فِيْمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوْبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْهُ: مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَهُوَ مُقِيْمٌ، ثُمَّ سَافرَ بَعْدُ لَزِمَهُ الصَّومُ لأنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185]، وقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: لَا يُسَافِرُ أَحَدٌ فِي رَمَضَانَ، فإنْ سَافَرَ فلْيَصُمْ، وقَالَ أَحْمَدُ: يُبَاحُ لَهُ الفِطْرُفإنْ صَامَ كُرِهَ وأَجْزَأَهُ، وعَنْهُ الأَفْضَلُ الفِطْرُ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْهُ، وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ، وقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ عُمَرُ وأَبُو هُرَيْرَةَ يَأْمُرَانِ بالإِعادةِ، وصَحَّ أنَّه ◙ قَالَ: ((لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ))، وقَالَ فِيْمَنْ صَامَ: ((أُولَئِكَ العُصَاةُ))، وهُوَ مَحْمُوْلٌ، وهذا إنَّما قَالَهُ لَمَّا خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيْمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَشَرِبَ، فَقِيْلَ لَهُ بَعْدَ ذلكَ: إنَّ بعضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فقَالَ: ((أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ))، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ منفَرِدًا بِهِ، وفي روايةٍ فَقِيْلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيامُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيْمَا فَعَلْتَ، فدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ، وحَدِيثُ: ((لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ)) إنَّما قَالَهُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي ظُلِّلَ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ مَا نَالَه مِنَ الصَّوْمِ كَمَا سَيَأْتِي، أي: مَنْ بَلَغَ إِلَى هَذِهِ الحالةِ / لَيْسَ مِنَ البِرِّ صَومُهُ.
وأَثَرُ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْهُ، وأَثَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ المُحَرَّرِ ابنُه عَنْهُ، وأَثَرُ عَبْدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوْفٍ السَّالِفُ: ((الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالمُفْطِرِ فِي الحَضَرِ)) رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيْهِ، وهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ أَبُو سَلَمَةَ لم يَسْمَعْ مِنْهُ شيئًا، وأَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيْثِ ابنِ عُمَرَ مَرْفُوْعًا بِهِ، وفي سَنَدِهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ العُمَرِيُّ المُكَبَّرُ المُصَغَّرُ، ورَوَاهُ غيرُ واحدٍ مِنَ الثِّقَاتِ عَنِ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَوْقُوْفًا.
وقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: رَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيْهِ مَرْفُوْعًا فَعَجِبَ، وقَالَ مَرَّةً: عَنْ يُوْنُسَ، قُلْتُ: عَنْبَسَةُ، فَتَبَسَّمَ وقَالَ: مَا لنا ولِعَنْبَسَةَ؟! فقُلْتُ: رَوَاهُ أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ عَنِ ابنِ شِهَابٍ ورفَعَهَ، فقَالَ: هكذا وَسَكَتَ. وفي «عِلَلِ ابنِ أَبِي حَاتِمٍ»: ورَوَاهُ أَيْضًا ابنُ لَهِيْعَةَ عَنْ يُوْنُسَ عَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا، ورَوَاهُ بَقِيَّةُ عَنْ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحِيحُ: الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيْهِ موقوفٌ، ولابنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ غَالِبِ بنِ فَائِدِ عَنْ إسرائيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ ابنِ المُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ يرفعُه: ((خِيَارُكُمْ مَنْ قَصَرَ الصَّلاةَ، وَأَفْطَرَ)).
فإنْ قُلْتَ: الأخبارُ السَّالِفَةُ لَيْسَ فِيْهَا إلَّا مُجَرَّدُ الفِعْلِ، ولَا يَلْزَمُ مِنْهُ الإجزاءُ ولَا سقوطُ القَضَاءِ، قُلْتُ: إخبارُهم بِصَومِهِ مَعَ تَرْكِ الإنكارِ دَالٌّ عَلَى الإجزاءِ، لإجماعِ الكُلِّ أنَّه لَا يَجِبُ الجمعُ بينَ الصَّومِ والقَضَاءِ، فِإنْ قُلْتَ: يجوزُ أَنْ يَكُوْنَوا صامُوه عَنْ غيرِ رمضانَ، قُلْتُ: خِلَافُ الظَّاهِرِ ورَمَضَانُ لَا يَقْبَلُ غيرُه، وقولُه: {فَعِدَّةٌ} [البقرة:184]. أي: فأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ، ومثلُه: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ} [البقرة:196] أي: فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ، والمريضُ لو تَكَلَّفَ وصَامَ صَحَّ إجماعًا، فكَذَا المسافرُ.