عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق
  
              

          ░117▒ (ص) باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّيْءِ: (لَيْسَ بِشَيْءٍ) وَهْوَ يَنْوِي أنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان قول الرجل للشيء الموجود: لَيْسَ بِشَيْءٍ، والحال أنَّهُ ينوي أنَّهُ ليس بحقٍّ، وهذا غالبًا يكون مبالغةً في النفي؛ كما يقال لمن عمِل عملًا غيرَ مُتقَنٍ: ما عَملتَ شيئًا، أو قال قولًا غيرَ سَدِيدٍ: ما قلتَ شيئًا، وليس هذا بكذبٍ.
          (ص) وقال ابنُ عَبَّاسٍ ☻: قَالَ النَّبِيُّ صلعم لِلْقَبْرَيْنِ: «يُعَذَّبانِ بِلا كَبِيرٍ، وإنَّهُ لَكَبِيرٌ».
          (ش) مطابقته للتَّرجمة مِن حيث إنَّ قوله: (بِلَا كَبِيرٍ) نفيٌ، وقوله: (وَإِنَّهُ لَكِبِيرٍ) إثباتٌ، فكأنَّه قولٌ للشيء: ليس بشيءٍ.
          وهذا تعليقٌ مرَّ في (كتاب الطهارة) موصولًا بتمامه، وهو: مرَّ رسول الله صلعم بقبرَين، فقال: «إنَّهما ليعذَّبان وما يعذَّبان في كبيرٍ» ثُمَّ قال: «بَلَى يُعذَّبان في كبيرٍ؛ أَمَّا أحدُهما فكان لا يَسْتتر مِنَ البول، وأَمَّا الآخر فكان يمشي في النميمة» أي: ليس التحرُّز عنهما بشاقٍّ عليكم، وهو عظيمٌ عند الله ╡ ، وقد مرَّت مباحثه هناك.