عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: ما كنت أرى أن أحدًا يفعل هذا غير اليهود
  
              

          3488- (ص) حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ المَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَ، فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صلعم سَمَّاهُ الزُّورَ؛ يَعْنِي: الوِصَالَ فِي الشَّعَرِ.
          (ش) مطابقته للترجمة في قوله: (اليَهُودُ) ؛ لأنَّهم مِن بني إسرائيل، وقد مرَّ نحوه مِن حديث معاوية عن قريبٍ في هذا الباب، غيرَ أنَّهُ مِن وجهٍ آخرَ.
          قوله: (قَدْمَةٍ) بفتح القاف، وكان ذلك في سنة إحدى وخمسين.
          قوله: (كُبَّةً) بِضَمِّ الكاف وتشديد الباء المُوَحَّدة، مِنَ الغزْل، وقال الجَوْهَريُّ: «الكبَّةُ» الجَرَوْهَق مِنَ الغزل؛ تقول منه: كببت الغزلَ؛ أي: جعلتُه كُبَبًا، وفي الحديث الذي مضى: (قُصَّة مِن شعَرٍ).
          قوله: (سَمَّاهُ الزُّورَ) (الزور) الكذب والتزيين بالباطل، ولا شكَّ أنَّ وصلَ الشعر منه، وفيه طهارةُ شعَر الآدميِّ.
          (ص) تابَعَهُ غُنْدَرٌ عنْ شُعْبَةَ.
          (ش) أي: تابع آدَمَ شيخَ البُخَاريِّ (غُنْدَرٌ) بِضَمِّ الغين المُعْجَمة، وسكون النون، وفتح الدال، وفي آخره راءٌ، وهو لقب مُحَمَّد بن جعفرٍ في رواية الحديث المذكور عن شعبة، ووصل مسلمٌ هذه المتابعةَ، وقال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر ابن أبي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عن شعبةَ، وحدَّثنا ابن مُثَنًّى وابن بشَّارٍ قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جعفر: حَدَّثَنَا شعبةُ عن عَمْرو بن مُرَّةَ عن سعيد بن المُسَيَِّبِ قال: قدم معاوية المدينةَ، فخطبنا، وأخرج كُبَّةً مِن شعرٍ، فقال: ما كنت أرى أنَّ أحدًا يفعله إلَّا اليهودَ، إنَّ رسولَ الله صلعم بلغه، فسمَّاه الزُّورَ، وقال مسلمٌ: وجاء رجلٌ بعصًا على رأسها خرقةٌ، قال معاوية: ألا وهذا الزُّورُ، قال قتادة: يعني: ما يكثِّر النساءُ أشعارَهنَّ مِنَ الخِرَقِ.