عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون
  
              

          3469- (ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: «إنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهُ عُمَرُ بن الخَطَّاب».
          (ش) مطابقتُه للترجمة في قوله: (فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ).
          و(عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) ابن يحيى، القرشيُّ الأُوَيسيُّ المَدينيُّ، وهو مِن أفراده، و(إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) يروي (عَنْ أَبِيهِ) سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وسعدٌ يروي عن عمِّه أبي سَلَمَةَ بن عبد الرَّحْمَن بن عوف. /
          والحديث أخرجه البُخَاريُّ أيضًا في (فضل عمر ☺ ) عن يحيى بن قَزَعة، وأخرجه النَّسائيُّ في (المناقب) عن مُحَمَّد بن رافع والحسن بن مُحَمَّد.
          قوله: (إنَّهُ) أي: إنَّ الشأن (قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ) أراد: بني إسرائيل.
          قوله: (مُحَدَّثُونَ) بفتح الدال المُهْمَلة المشدَّدة، جمعُ (محدَّث)، قال الخَطَّابيُّ: المحدَّث المُلهَم، يُلقى الشيء في رُوعِه، فكأنَّه قد حُدِّث به، يظنُّ فيصيب، ويخطر الشيءُ بباله فيكون، وهي منزلةٌ جليلةٌ من منازل الأولياء، [وقيل: المحدَّث هو مَن يجري الصواب على لسانه، وقيل: من تُكلِّمه الملائكة]، وقال التِّرْمِذيُّ: أخبرني بعضُ أصحاب ابن عُيينة قال: (محدَّثون يعني: مُفهَّمون)، وقال ابن وَهْب: مُلهَمون، وقال ابن قُتيبة: يُصيبون إذا ظنُّوا وحدَّثوا، وقال ابن التِّين: يعني: مُتفرِّسون، وقال النوويُّ حاكيًا عن البُخَاريِّ: يَجري الصوابُ على ألسنتهم، وهذه المعاني مُتقاربةٌ.
          قوله: (وَإِنَّهُ) أي: وإنَّ الشأنَ (إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ) أي: مِنَ المحدَّثين؛ (فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ) قال صلعم ذلك على سبيل التوقُّع، وقد وقع ذلك بحمد الله تعالى.
          وفيه: منقبة عظيمة لعمر بن الخَطَّاب ☺ .
          وفيه: كرامةُ الأولياء، وأنَّها لا تنقطِع إلى يوم الدين.