عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث عائشة: أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء وأن الله جعله
  
              

          3474- (ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَائِشَةَ ♦ زَوْجِ النَّبِيِّ صلعم قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم عَنِ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَنِي: «أنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ».
          (ش) هذا الحديث مِن جنس الحديث السابق؛ فلذلك ذكره عَقِيبه، فتقع المطابقةُ بينه وبين الترجمة مِن حيث إنَّهُ مطابقٌ للمطابق، والمطابقُ للمطابق للشيءِ مطابقٌ لذلك الشيءِ.
          و(دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ) بِضَمِّ الفاء، وتخفيف الراء، وبالتاء المُثَنَّاة مِن فوقُ، المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ البِصْريُّ، مات سنة سبعٍ وستِّين ومئةٍ، و(عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ) بِضَمِّ الباء المُوَحَّدة، مصغَّرُ (البُرْدَةَ) ابن الحصيب _بالمهملَتَين_ قاضي مَرْو، تَقَدَّمَ في (الحيض)، و(يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ) بفتح الياء آخر الحروف، وسكون العين المُهْمَلة، وفتح الميم، وبالراء، البصْريُّ النَّحْويُّ، القاضي أيضًا بِمَرْو، التَّابِعِيُّ الجليلُ.
          والحديث أخرجه البُخَاريُّ أيضًا في (التفسير) عن موسى بن إسماعيلَ أيضًا، وفي (الطبِّ) عن إسحاق عن حبَّان بن هلالٍ، وفي (القدر) عن إسحاق بنِ إبراهيم عن النضر بن شُمَيْل، وأخرجه النَّسائيُّ في (الطبِّ) عن العَبَّاس بن مُحَمَّدٍ، وعن إبراهيم بن يونس.
          قوله: (لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ) كلمةُ (مِن) زائدةٌ.
          قوله: (فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ) أي: يستقرُّ فيه ولا يخرج.
          قوله: (صَابِرًا) حالٌ، وكذا قوله: (مُحْتَسِبًا) إمَّا مِنَ الأحوال المترادفة، أو المتداخلة، وكذلك قوله: (يَعْلَمُ) حالٌ.
          قوله: (إِلَّا كَانَ لَهُ) استثناءٌ مِن قوله: (أحد).
          وفيه: بيان عناية الله تعالى بهذه الأمَّة المكرمة، حيث جعل ما وُعِدَ عذابٌ لغيرهم رحمةً لهم.