عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث أبي هريرة: كان رجل يسرف على نفسه
  
              

          3481- (ص) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى / نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ؛ قَالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ؛ فَأَحْرِقُونِي، [ثُمَّ اطْحَنُونِي]، ثُمَّ ذَرُونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللهِ؛ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ؛ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللهُ الأَرْضَ، فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ؛ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ؛ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ»، وَقَالَ غَيْرُهُ: «مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ».
          (ش) مطابقته للترجمة في قوله: (كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ).
          و(عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هو المعروف بالمسنديِّ، و(هِشَامٌ) هو ابن يوسف الصنعانيُّ، وكان قاضيها.
          قوله: (ثُمَّ ذَرُونِي) بفتح الذال وتخفيف الراء؛ أي: اتركوني، وهو أمرٌ مِن (يذر)، والعرب أماتوا ماضيَه، وفي رواية الكُشْميهَنيِّ: <ثُمَّ أذروني> بفتح الهمزة في أوَّله، مِن أذرتِ الريحُ الشيء؛ إذا فرَّقَتْه بهبوبها.
          قوله: (فَوَاللهِ؛ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ) قد مضى معناه عن قريبٍ.
          قوله: (فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ) أي: الذي أوصى به الرجلُ.
          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ) المرادُ مِن لفظ (الغير) هو عبد الرزاق، فإنَّ هشامًا روى عن معمر عن الزُّهْريِّ بلفظ (خشيتُك)، وروى عبد الرزاق عن معمر بلفظ (مخافتُك) بدل (خشيتُك)، ومعناهما واحدٌ، وبقيَّة معاني ألفاظ الحديث قد مرَّت عن قريبٍ.