عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب {يعكفون على أصنام لهم}
  
              

          ░29▒ (ص) بابٌ {يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}[الأعراف:138]
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكَر فيه قولُه تعالى: ({يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}[الأعراف:138])، وقبله: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ...} الآية[الأعراف:138]، وذَكَرها ولم يفسِّرها.
          قوله: ({عَلَى قَوْمٍ}) قال بعض المفسِّرين: على قومٍ مِنَ الكنعانيِّين، وقيل: كانوا من لَخْم، وقال ابن جَرير: وكانوا يعبدون أصنامًا على صُوَر البَقَر.
          قوله: ({يَعْكُفُونَ}) من عَكَفَ يعكُفُ [عُكوفًا؛ وهو الإقامة على الشيء والمكانِ ولزومهما، ويقال: عَكَف يعكِف] من (باب ضَرَب يضرِب)، وعَكَف يعكُف من (باب نصَر ينصُر)، والفاعل: (عاكِف)، ومنه قيل لمن لازم المسجِد وأقام على العبادة فيه: عاكِف ومعتكِف.
          (ص) {مُتَبَّرٌ}: خُسْرَانٌ.
          (ش) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف:139] وفسَّر ({مُتَبَّرٌ}) بقوله: (خُسْرَانٌ)، و{مُتَبَّرٌ} اسم مفعول، مِنَ التتبير؛ وهو الإهلاك، يقال: تبَّره تتبيرًا؛ إذا كسَره وأهلكه، ومنه: التَّبار؛ وهو الهلاك، وقال الكَرْمَانِيُّ: قوله: {مُتَبَّرٌ} أي: خاسر، وقد فسَّر معنى المفعول بمعنى الفاعل، وهو بعيدٌ، وكذلك تفسير البُخَاريِّ بالمصدر، وتفسيره الموجَّه {مُتَبَّرٌ}: مُهلَكٌ وباطلٌ ما كانوا يعملون.
          (ص) {وَلِيُتَبِّرُوا} يُدَمِّرُوا {مَا عَلَوْا} ما غُلِبُوا
          (ش) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء:7] وفسَّر ({لِيُتَبِّرُوا}) بقوله: (يُدَمِّرُوا) مِنَ التدمير، مِنَ الدَّمار؛ وهو الهلاك، يقال: دمَّره تدميرًا، ودمَّر عليه؛ بمعنًى، / وفسَّر قوله: ({مَا عَلَوْا}) بقوله: (غُلِبُوا) وذكرُه هذا بطريقِ الاستطراد.