عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: {يزفون}: النسلان في المشي
  
              

          ░9▒ (ص) باب {يَزِفُّونَ} النَّسَلَانُ فِي المَشْيِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ، ولم يَذْكُرْ له ترجمةٌ، وهو كالفَصْل مِن (باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء:165]).
          وقوله: ({يَزِفُّونَ} النَّسَلَانُ فِي المَشْيِ) إِنَّما ذُكِرَ في رواية الحمُّوي والكُشْميهَنيِّ، وفي رواية المُسْتَمْلِي والباقين: <بابٌ> بغير ترجمة، وفي رواية النَّسَفِيِّ: لم يُذْكَرْ (باب)، وفي شرح الكَرْمَانِيِّ: (بابٌ: قال الله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ}[الصافات:94]) وقال بعضهم: والذي يظهرُ ترجيحُ ما وقع عند المُسْتَمْلِي، ووهم مَن وقع عنده: (باب {يَزِفُّونَ} النسلان) ؛ فَإِنَّهُ كلامٌ لا معنى له.
          قُلْت: بل له معنًى جَيِّدٌ؛ لأنَّ قولَه: (بابٌ) كالفَصْل كما ذكرنا؛ فلا يحتاج إلى الترجمة؛ لأنَّه مِنَ الباب السابق.
          وقوله: ({يَزِفُّونَ}) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ}[الصافات:94]؛ لأنَّه مِن جملة قصَّة إبراهيم مع قومه حين كسر أصنامهم، قال الله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ} أي: إلى إبراهيم {يَزِفُّونَ} أي: يُسرِعون.
          ثُمَّ أشار بقوله: (النَّسَلَانُ فِي المَشْيِ) إلى المعنى الحاصلِ مِن قوله: {يَزِفُّونَ}، وهو مِن زَفَّ في مشيه؛ إذا أسرع، وكذلك (النَّسَلان) هو الإسراع في المشي، يقال: (نسَل ينسِل) مِن باب (ضرَب يضرِب) نَسْلًا ونسَلانًا، وفي حديث لقمان: (وإذا سعى القوم؛ نَسَل) أي: إذا عدَوا لغارةٍ، أو مخافة؛ أسرع هو، قال ابن الأثير: «النَّسلان» دون السعي.
          قُلْت: ومادَّته: نونٌ، وسينٌ مُهْمَلةٌ، ولامٌ.