نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من قال: خذها وأنا ابن فلان

          ░167▒ (باب) ذكر (مَنْ قَالَ) عند ملاقاة العدوِّ وهو يرمي (خُذْهَا) أي: الرَّمية، وينوه باسمه يقول: (وَأَنَا ابْنُ فُلاَنٍ) قال ابن التِّين: وهي كلمة يقولها الرَّامي عندما يصيب فرحاً، وكان ابن عمر ☻ إذا رمى فأصاب يقول: خذها وأنا أبو عبد الرَّحمن، ورمى بين الهدفين، وقال: أنا بها، وكان رامياً يرمي الطَّير على سنام البعير، فلا يخشى أن يصيب السَّنام. وروي أنَّ النَّبي صلعم قال: ((أنا ابن العواتك)).
          وقال ابن المنيِّر: موقع هذه التَّرجمة من الأحكام أنَّها خارجة عن الافتخار المنهيِّ عنه لاقتضاء الحال ذلك.
          وقال الحافظ العسقلاني: وهو قريب من جواز الاختيال، بالخاء المعجمة، في الحرب دون غيرها.
          (وَقَالَ سَلَمَةُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ) هذا مطابق للتَّرجمة، وبيان لها، وقطعة من الحديث المذكور قبله من حيث المعنى. وقال ابن بطَّال: معنى خذها وأنا ابن الأكوع؛ أي: أنا / ابن المشهور في الرَّمي بالإصابة عن القوس، وهذا على سبيل الفخر؛ لأنَّ العرب تقول: أنا ابن بَجْدتها؛ أي: القائم بالأمر، وأنا ابن جلا يريد المنكشف الأمر الواضح الجلي، ولا يقول مثل هذا إلَّا الشُّجاع البطل، والعادة عند العرب أن يعلِّم الشُّجاع نفسه بعلامة في الحرب يتميَّز بها عن غيره ليقصده من يدَّعي الشَّجاعة.
          وقد أخرج مسلم من طريق أخرى عن سلمة بن الأكوع وقال فيه: ((فخرجت في آثار القوم وألحق رجلاً منهم فأصكَّه سهماً في رجله حتَّى خلصَ نصل السَّهم من كتفه))، قال: و((قلت خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرُّضع)).