نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من لم ير كسر السلاح عند الموت

          ░86▒ (بابُ مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلاَحِ عِنْدَ الْمَوْتِ) قال الحافظ العسقلاني: كأنَّه يشير إلى ردِّ ما كان عليه أهل الجاهلية من كسر السِّلاح، وعقر الدَّواب إذا مات مليكهم أو رئيس من أكابرهم، وربَّما كان يعهد ويُوصي بذلك إليهم، فخالف الشَّارعُ فِعْلَهم وتركَ سِلاحَه وبغْلَته وأرضاً جعلها صدقة.
          وقال ابن المنيِّر: وفي ذلك إشارة إلى انقطاع عمل الجاهلي الذي كان يعمله لغير الله وبطلان آثاره وخمول ذكره، بخلاف سنَّة المسلمين في جميع ذلك.
          وقال الكِرماني: فإن قلت: كسر السِّلاح تضييعٌ للمال؛ فما الحاجة إلى ذِكْرِه؛ لأنَّ حرمته ظاهرة؟
          قلت: قالوا: المراد من الكسر البيع، والحديث يدلُّ عليه، حيث كان على رسول الله ╧ دَيْنٌ، فلم يبعْ سلاحه لأجل الدَّين. انتهى.
          وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّه ليس المراد من وضع التَّرجمة هذا الذي ذكره، وإنَّما المراد هو الرَّد على عمل الجاهليَّة. وقوله: ((حرمته ظاهرة)) / أي: عند المسلمين، وأهل الجاهلية ما كانوا يرون ذلك، بل كانوا يوصون به، فوضع هذه التَّرجمة ردًّا عليهم.