-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد والسير
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله عز وجل
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب الفرس القطوف
-
باب السبق بين الخيل
-
باب إضمار الخيل للسبق
-
باب غاية السبق للخيل المضمرة
-
باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب الغزو على الحمير
-
باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب رد النساء الجرحى والقتلى
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب من اختار الغزو بعد البناء
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب السرعة والركض في الفزع
-
باب الخروج في الفزع وحده
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب الأجير
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب قتل النساء في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم؟
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي؟
-
باب قول النبي لليهود: أسلموا تسلموا
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░19▒ (بابُ فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى) أي: فضل من وردَ فيه قول الله تعالى، ولا بدَّ من هذا التَّقدير؛ لأنَّ ظاهره غيرُ مراد، وقد حذف الإسماعيليُّ لفظ: فضل، من الترجمة.
({وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} إلى {وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:169-171]): هكذا في رواية أبي ذرٍّ، وساق الأصيليُّ وكريمة الآيتين بتمامهما هكذا: {وَلَا تَحْسَبَنَّ} الخطابُ لرسول الله صلعم أو لكلِّ أحدٍ من شأنه الخطاب، وقرأ هشامٌ في أحد وجهيه بالياء على الغيبة بإسناده إلى ضمير الرسول، أو من يحسبُ أو إلى ما بعده من قوله: {الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيْلِ اللهِ أَمْوَاتَاً} والمفعول الأول محذوف؛ لأنَّه في الأصل مبتدأ جائز الحذف عند القرنية، وقرأ ابنُ عامر: ({قُتِّلُوا}) بالتشديد لكثرة المقتولين، {بَلْ أَحْيَاءٌ} أي: بل هم أحياء، وقرئ بالنصب؛ أي: بل أحسبهم أحياء.
{عِنْدَ رَبِّهِمْ} ذووا زلفى منه {يُرْزَقُونَ} من الجنَّة، وهو تأكيدٌ لكونهم أحياء {فَرِحِيْنَ} يجوز أن يكون حالاً من الضمير في {يُرْزَقُونَ} وأن يكون صفة لأحياء {بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} وهو شرف الشَّهادة والفوز بالحياة الأبديَّة والقرب من الله تعالى / والتمتُّع بنعيم الجنَّة {وَيَسْتَبْشِرُونَ} أي: يُسرُّون بالبشارة، عطفٌ على {فَرِحِيْنَ} {بِالَّذِينَ لَم يَلْحَقُوا بِهِمْ} أي: بإخوانهم الذين لم يقتلوا فيلحقوا بهم {مِنْ خَلْفِهِمْ} أي: الذين من خلفهم زماناً أو رتبة، وقيل: يعني، والله أعلم، يفرحون بإخوانهم الذين فارقوهم أحياء يرجون لهم الشَّهادة يقولون: إن قُتِلوا نالوا ما نِلْنا من الفضل.
وقال السديُّ: يؤتى الشَّهيد بكتاب فيه: يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، فيسرُّ بذلك كما يسرُّ أهل الدُّنيا بقدوم غائبهم.
{أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران:170] بدل من {الَّذِينَ}، والمعنى أنَّهم يستبشرون بما تبيَّن لهم من أمر الآخرة وحال من تركوا خلفهم من المؤمنين، وهو أنَّهم إذا ماتوا أو قتلوا كانوا أحياء حياةً لا يكدِّرها خوفُ وقوع محذور، وحزن فواتِ مطلوبٍ ومحبوب. أو المعنى: لا خوفٌ عليهم فيمن خلَّفوه من ذريَّتهم، ولا هم يحزنون على ما خلَّفوا من أموالهم، وقيل: لا خوفٌ عليهم فيما يقدمون عليه ولا هم يحزنون على مفارقة الدُّنيا.
واختلف العلماء في كيفيَّة حياة الشَّهيد، فقال ابن بطَّال: إنَّ الأرواح ترزق.
وقد روي عن ابن عبَّاس ☻ : أنَّ رسول الله صلعم قال: ((أرواحُ الشُّهداء في أجواف طير خُضر تَرِدُ أنهار الجنَّة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلَّقة في ظلِّ العرش)).
وفي «صحيح ابن حبَّان»: ((إنما نسمة المؤمن طائرٌ يعلَق في شجر الجنَّة))، يعني: يأكل منها، وقيل: يشمُّها. وفي «صحيح مسلم»: عن محمد بن عبد الله بن نمير: حدَّثنا أبو معاوية: حدَّثنا الأعمش، عن عبد الله بن مرَّة عن مسروق قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} الآية فقال: إنا قد سألنا عن ذلك فقال صلعم : ((أرواحهم في جوف طيرٍ خُضرٍ لها قناديل معلَّقة بالعرشِ، تسرح من الجنَّة حيث شاءتْ، ثمَّ تأوِي إلى تلك القناديل)) الحديث. /
وروى ابنُ أبي عاصم من حديث ابن مسعود ☺: أنَّ الثمانية عشر من أصحاب رسول الله صلعم جعلَ الله أرواحَهم في الجنَّة في طيرٍ خضرٍ.
وفي لفظ: ((أرواح الشُّهداء عند الله كطيرٍ خُضْر في قناديل تحت العرش))، ومن حديث عطيَّة عن أبي سعيد ☺، قال رسول الله صلعم : ((أرواح الشُّهداء في طيرٍ خضرٍ ترعى في رياض الجنَّة، ثمَّ يكون مأواها قناديل معلَّقة بالعرش)). ومن حديث موسى بن عبيدة الرَّبذي، عن أمِّ قلابة، أظنُّها عن أمِّ مبشر: قال رسول الله صلعم : ((إنَّ أرواح المؤمنين طير خضرٌ في حجرٍ من الجنَّة، يأكلون من الجنَّة، ويشربون من الجنَّة)).
وقال الدَّاوديُّ: أرواح الشُّهداء في حواصل طير.
وقال ابنُ التِّين: هذا لا يصحُّ في العقل ولا الاعتبار؛ لأنَّها إن كانت هي أرواحُ الطَّير فكيف تكون في الحواصل دون سائر الجسدِ؟ وإن كان لها أرواح غيرها فكيف يكون لها روحان في جسد؟ وكيف تصلُ لهم الأرزاق التي ذكرَ الله ╡؟ انتهى.
فتأوَّل بعضُهم قوله: ((في حواصل طير)) وكذا ((في جوف طير)) أنَّ في بمعنى على؛ فيكون المعنى: أرواحُهم على جوف طيرٍ خضرٍ.
وقال الطِّيبيُّ: قوله: ((أرواحهم في جوف طير))؛ أي: يخلق لأرواحهم بعدما فارقت أبدانهم هياكل على تلك الهيئة تتعلَّق بها وتكون خلفاً عن أبدانهم فيتوسَّلون بها إلى نيل ما يشتهون من اللذَّات الحسيَّة.
وقال القاضي عياض: ليس للأقيسة والعقول في هذا حكم، فإذا أراد الله أن يجعل الرُّوح إذا خرجت من المؤمن أو الشَّهيد في قناديل أو جوف طير أو حيث شاء كان ذلك، ووقع، ولم يبعد، لا سيَّما على القول بأنَّ الأرواح أجسادٌ، فغير مستحيلٍ أن يصور جزء من الإنسان طائراً، أو يجعل في جوف طائر في قناديل تحت العرش. انتهى.
وقال البيضاويُّ: والآية تدلُّ على أنَّ الإنسان غير الهيكل المخصوص بل جوهر يدرك بذاته لا يفنى بخراب البدن، ولا يتوقَّف عليه إدراكه وتأمُّله والتِذَاذه، ومن أنكر ذلك ولم ير الروح إلَّا ريحاً وعرضاً، قال: هم أحياء يوم القيامة، / وإنَّما وصفوا به في الحال لتحقُّقه ودنوه، أو أحياء بالذكر، أو بالإيمان.
ثمَّ قال: وفي الآية حثٌّ على الجهاد وترغيبٌ في الشَّهادة وبعثٌ على ازدياد الطَّاعة، وإحماد لمن يتمنَّى لإخوانه مثل ما أنعم عليه، وبشرى للمؤمنين بالفلاح. انتهى.
تتمة: وقد اختلفوا في الروح فقال كثيرٌ من أرباب علم المعاني وعلم الباطن والمتكلمين: لا نعرف حقيقته ولا يصحُّ وصفه، وهو ما جهلَ العباد بعلمه واستدلُّوا بقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:85].
وقال كثيرون من المشايخ: هو الحياة، وقال آخرون: هو أجسامٌ لطيفة مشاكلة للجسم يحيى بحياته، أجرى الله تعالى العادة بموت الجسم عند فراقه، ولهذا وصف بالخروج والقبض وبلوغ الحلقوم، وقيل: هو المختار، وقد تعلَّق بالأحاديث المذكورة بعض القائلين بالتَّناسخ وانتقالِ الأرواح وتنعيمها في الصُّور الحسان، وتعذيبها في الصُّور القباح.
وزعموا أنَّ هذا هو الثَّواب والعقاب، وهذا باطلٌ مردودٌ لا محالة؛ لإبطالهِ ما جاءت به الشَّرائع من إثبات الحشر والنَّشر والجنَّة والنَّار، والله هو الموفِّق.
{يَسْتَبْشِرُونَ} كلامٌ مستأنفٌ كرِّر للتَّأكيد، وليعلق به ما هو بيان لقوله: {أَلَّا خَوْفٌ} ويجوز أن يكون الأوَّل بحال إخوانهم، وهذا بحال أنفسهم {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ} ثواباً لأعمالهم {وَفَضْلٍ} [آل عمران:171] زيادة عليه كقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] وتنكيرها للتعظيم، وذلك فضل من الله تعالى، لا أنَّه واجبٌ عليه {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:171] من جملة المستبشر به عطفٌ على {فَضْلٍ}، وقرأ الكسائيُّ بالكسر على أنه استئنافٌ معترضٌ دالٌّ على أنَّ ذلك أجرٌ لهم على إيمانهم، مشعرٌ بأن من لا إيمان له أعمالُه محبطةٌ، وأجوره مضيعة.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذه الآية جمعت المؤمنين كلَّهم سواء الشُّهداء وغيرهم، وقلَّما ذكر الله فضلاً أعطاه الأنبياء ‰ إلَّا ذكر ما أعطى / المؤمنين من بعدهم.
ثمَّ إنهم اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال الإمام أحمد: حدَّثنا يعقوب: حدَّثنا أبي إسحاق: حَدَّثنا إسماعيل بن أُميَّة بن عَمرو بن سعيد، عن أبي الزُّبير المكيِّ، عن ابن عبَّاس ☻ قال: قال رسول الله صلعم : ((لمَّا أصيب إخوانكم بأُحُد جعل الله أرواحَهم في أجوافِ طيرٍ خضرٍ تردُ أنهار الجنَّة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظلِّ العرش، فلمَّا وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلَّا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله تعالى: أنا أبلِّغهم عنكم، فأنزل الله ╡ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وما بعدها)). ورواه أبو داود وابن جرير والحاكم في «مستدركه».
وروى الحاكم أيضاً في «مستدركه» من حديث أبي إسحاق الفزاريِّ، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبَّاس ☻ قال: نزلتْ هذه الآية في حمزة وأصحابه {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} الآية، وكذا قال قتادةُ والرَّبيع والضَّحَّاك.
وقال أبو بكر بن مردويه بإسناده: عن عليِّ بن عبد الله المدينيِّ، عن موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفاكه الأنصاريِّ، عن طلحة بن خِراش بن عبد الرَّحمن بن خراش بن الصمَّة الأنصاريِّ قال: سمعتُ جابر بن عبد الله ☻ قال: نظر إليَّ رسول الله صلعم ذات يومٍ فقال: ((يا جابر مالي أراك مهتمًّا؟)) قال: قلت: يا رسول الله، استشهد أبي وترك عليه ديناً وعيالاً. قال: ((ألا أخبرك، ما كلَّم الله أحداً قط إلَّا من وراء حجابٍ، وأنَّه كلَّم أباك كفاحاً _ والكفاح المواجهة_ قال: سلني أُعطك قال: أسألك أن أُرَدَّ إلى الدُّنيا وأقتل فيك ثانيةً، فقال الرَّبُّ ╡: إنَّه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال: أي ربِّ فأبلغ من ورائي، فأنزل الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} [آل عمران:169])) / حتَّى أنفد الآية.
وقال ابن جرير: حَدَّثنا محمد بن مرزوق: حدَّثنا عمرو بن يونس، عن عكرمة: حدَّثنا إسحاق بن أبي طلحة: حَدَّثني أنس بن مالكٍ في أصحاب النَّبي صلعم الَّذين أرسلهم نبيُّ الله صلعم إلى أهل بئر معونة. الحديث مطوَّلاً وفي آخره: قال إسحاق: حدَّثني أنس بن مالك: إنَّ الله أنزل فيهم قرآناً: بلِّغوا عنَّا قومنا أنا قد لقينا ربَّنا فرضيَ عنَّا ورضينا عنه. ثمَّ نسخت بعد ما قرأناه زماناً، وأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله} الآية.
وبهذا تظهرُ مناسبة الحديث الأوَّل من حديثي الباب للتَّرجمة.