نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس

          ░103▒ (بابُ مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً فَوَرَّى بِغَيْرِهَا) أي: سترها وكنى عنها بغير تلك الغزوة التي أرادها يريد بذلك: غرَّة العدو؛ لئلَّا تسبقه الجواسيس ويحذروهم.
          والحاصل: أنَّه أوهم أنَّه يريد غيرها؛ لئلَّا يتيقَّظ الخصم فيستعدَّ للدَّفع، وأصله من الوَرْي، وهو جعل البيان وراءه. وقال أبو علي: أصله: من الوراء؛ لأنَّه ألقى البيان وراء ظهره كأنَّه قال: سأبيِّنه، وأصحاب الحديث لا يضبطون فيه الهمزة. وقيَّده السيرافي في «شرح كتاب سيبويه» بالهمزة، وكأنَّ الذي لا يضبط فيه الهمزة سهَّلها.
          (وَمَنْ أَحَبَّ الْخُرُوجَ) للسَّفر (يَوْمَ الْخَمِيسِ) قال الحافظ العسقلاني: ولعلَّ الحكمة فيه ما روي من قوله صلعم : ((بورك لأمَّتي في بكورها يوم الخميس)) وهو حديثٌ ضعيفٌ أخرجه الطَّبراني من حديث نُبَيط، بضم النون وفتح الموحدة، على صيغة التصغير، ابن شَريط بفتح المعجمة.
          وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّ طلب الحكمة في ذلك بالحديث الضَّعيف لا وجه له مع أنَّ في حديث الباب أنَّه كان يحبُّ أن يخرج يوم الخميس.
          ثمَّ إنَّ كونه صلعم كان يحبُّ الخروج يوم الخميس لا يستلزم المواظبة عليه؛ لقيام مانع، وسيأتي بعد باب: أنَّه خرج في بعض أسفاره / يوم السَّبت [خ¦2952].
          ولئن سلمنا عدم المانع فنقول: لعلَّه كان يحبُّ أيضاً الخروج يوم السَّبت على ما روي: ((بارك الله في سبتها وخميسها)) ولمَّا لم يثبت عن البخاري إلَّا يوم الخميس خصَّه بالذِّكر، والله تعالى أعلم.