نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قتال الترك

          ░95▒ (باب: قِتَالِ) المسلمين (التُّرْكِ) الذي هو من أشراط السَّاعة، واختلفوا في أصل التَّرك، فقال الخطَّابي: الترك هم بنو قنطوراء، وهي اسمُ جارية كانت لإبراهيم ◙ ولدت أولاداً جاءت من نسلهم الترك، وقال كُرَاع: الترك هم الذين يقال لهم: الدَّيلم.
          وقال ابن عبد البر: الترك: هم ولد يافث، وهم أجناسٌ كثيرة أصحاب مدنٍ وحصون، ومنهم قوم في رءوس الجبال والبراري ليس لهم عملٌ سوى الصَّيد، ومن لم يصد ودج دابته وصبره في مصران يأكله، ويأكلون الرَّخم والغربان، وليس لهم دينٌ، ومنهم من يتديَّن / بدين المجوسية وهم الأكثرون، ومنهم من يتهوَّد، وملكهم يلبس الحرير وتاج الذَّهب ويحتجب كثيراً وفيهم سحرة.
          وقال وهب بن منبه: الترك: بنو عمِّ يأجوج ومأجوج، وقيل: أصلُ الترك أو بعضهم من حمير، وقيل: إنَّهم بقايا قوم تُبَّع، ومن هناك كانوا يسمُّون أولادهم بأسماء العرب العاربة فهؤلاء ومن كان مثلهم يزعمون أنَّهم من العرب، وألسنتهم أعجميَّة، وبلدانهم غير عربيَّة دخلوا إلى بلاد العجم واستعجموا.
          وقيل: الترك من ولد أفريدون بن سام بن نوح ◙ وسمُّوا تركاً؛ لأنَّ عبد شمس بن يشحب لمَّا وطئَ أرضَ بابل أتي بقومٍ من أحامرة ولد يافث، فاستنكر خلقهم ولم يحب أن يدخلهم في سبي بابل، فقال: اتركوهم، فسمُّوا الترك.
          وقال صاعد في كتاب «الطَّبقات»: أمَّا الترك فأمَّة كثيرة العدد فخمة المملكة ومساكنهم ما بين مشارق خراسان من مملكة الإسلام وبين مغارب الصِّين وشمال الهند إلى أقصى المعمور في الشِّمال، وفضيلتهم التي برعوا فيها وأحرزوا خصالها: الحرب ومعالجة آلاتها.
          وقال العينيُّ: الترك والصِّين والصقالبة ويأجوج ومأجوج من ولد يافث بن نوح ◙ باتِّفاق النَّسابين، وكان ليافث سبعة أولادٍ منهم ابن يسمَّى: كومر فالترك كلُّهم من بني كور، ويقال: الترك هو: ابن يافث لصلبه، وهم أجناسٌ كثيرة ذكرناهم في «تاريخنا الكبير».
          وقال المسعودي في «مروج الذهب»: في الترك استرخاء في المفاصل، واعوجاج في سيقانهم، ولين في عظامهم، حتَّى إنَّ أحدهم ليرمي بالنِّشاب من خلفه كرميه من قدَّامه فيصير قفاه كوجهه ووجهه كقفاه.