-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب من نحر بيده
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░123▒ (باب {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ}) أي: واذكر زمان جعلنا وعيَّنا له ({مَكَانَ الْبَيْتِ}) مباءة ومرجعاً يرجع إليه للعمارة والعبادة، يقال: تبوَّأ الرَّجل منزلاً اتَّخذه وبوأه غيره منزلاً أعطاه، وأصله باء إذا رجع، وذكر مكان البيت دون البيت؛ لأنَّ البيت ما كان حينئذٍ، وقيل: اللام زائدة ومكان ظرف؛ أي وإذا نزلناه فيه كقوله تعالى: {بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [يونس:93]، وقوله: {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:121].
قيل: رفع البيت إلى السَّماء أو انطمس أيَّام الطُّوفان، وكان من ياقوتة حمراء، فأعلم الله مكانه بريح أرسلها (1) فكنست ما حوله فبناه على بنائه القديم.
({أَنْ لاَ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً}) أن مفسِّرة لبوَّأنا من حيث إنَّه تضمَّن معنى تعبَّدنا (2) ؛ لأنَّ التبوئة من أجل العبادة، أو مصدريَّة موصولة بالنَّهي؛ أي: فعلنا ذلك لئلا تشرك بعبادتي. وقرئ في الشواذ: (▬يشرك↨) بالياء. /
({وَطَهِّرْ بَيْتِيَ}) من الشِّرك والأوثان والأقذار أن تطرح حوله ({لِلطَّائِفِينَ}) حوله ({وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج:26]) أي: لمن يطوف به ويصلِّي فيه، ولعلَّه عبَّر عن الصَّلاة بأركانها للدلالة على أنَّ كل واحد منها مستقل باقتضائه ذلك كيف وقد اجتمعت.
قال القسطلاني أخذاً من «عمدة القاري» للعيني: ولم تُذْكر الواو بين الرُّكع والسُّجود، وذُكِرَتْ بين القائمين والرُّكع؛ لكمال الاتِّصال بين الرُّكوع والسُّجود، إذ لا ينفك أحدهما عن الآخر في الصَّلاة فرضاً أو نفلاً، وينفكُّ القيام من الرُّكوع، فلا يكون بينهما كمال الاتِّصال، إذ المراد بالقائمين: المعتكفون بمشاهدة الكعبة، وبالركع السُّجود: المصلُّون.
({وَأَذِّنْ}) أي: ناد عطف على قوله: {وَطَهِّرْ}، وقرأ ابن محيصن: (▬وآذن↨) بالمد ({فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}) أي: بدعوة الحجِّ والأمر به، وروي: أنَّ إبراهيم ◙ أُمِرَ أن يُؤَذِّن في النَّاس بالحج فقال ◙: يا رب! وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن، عليَّ البلاغ، فقام على مقامه أو على الحجر أو على الصَّفا أو على أبي قُبَيس فقال: أيُّها النَّاس! إنَّ ربَّكم اتَّخذ بيتاً فحُجُّوا بيت ربكم، فأسمعه الله تعالى من في أصلاب الرِّجال، وأرحام النِّساء فيما بين المشرق والمغرب ممَّن سبق في علمه أن يحج إلى يوم القيامة، فأجابوه: لبيك اللَّهم لبيك قيل: ومن تكرَّر منه الإجابة يتكرَّر منه الحج بقدر تكرر الإجابة.
وقيل: الخطاب لرسول الله صلعم ؛ أمره بذلك في حجَّة الوداع، فيكون قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} كلاماً مستأنفاً، وهذا مرويٌّ عن الحسن.
({يَأْتُوكَ رِجَالاً}) مشاة، جمع: راجل، كقائم وقيام. وقرئ في الشَّواذ: بضم الراء مخفف الجيم ومثقَّلها، و▬رُجَّالَى↨ كعُجالَى ({وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ}) أي: وركباناً على كل بعير مهزول أتعبه بُعد السَّفر فهزله ({يَأْتِينَ}) صفة لضامر، وجمعه باعتبار معناه؛ أي: النُّوق، وقرئ: (▬يأتون↨) صفة للرِّجال والركبان، أو استئناف فيكون الضَّمير للنَّاس ({مِنْ كُلِّ فَجٍّ}) أي: طريق ({عَمِيقٍ} [الحج:27]) أي: بعيد، وقرئ: ((معيق))، يقال: بئر بعيدة العمق والمعق بمعنى ({لِيَشْهَدُوا}) أي: ليحضروا ({مَنَافِعَ لَهُمْ}) دينية ودنيوية وتنكيرها؛ لأنَّ المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبارة لا توجد في غيرها من العبادات.
وعن أبي حنيفة ☼ : أنَّه كان يفاضل بين العبادات قبل أن يحجَّ، فلمَّا حجَّ فضل الحج على العبادات كلِّها لما شاهد من تلك الخصائص.
({وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ}) عند إعداد الهدايا والضَّحايا وذبحها. وقيل: كنَّى بالذِّكر عن النَّحر؛ لأنَّ ذبح المسلمين لا ينفك عنه تنبيهاً على أنَّه المقصود ممَّا يتقرَّب به إلى الله تعالى ({فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}) عشر ذي الحجَّة عند أبي حنيفة وهو قول الحسن وقتادة، أو أيَّام النَّحر عند صاحبيه، وقيل: تسعة أيَّام من العشر، وقيل: يوم الأضحى وثلاثة أيَّام بعده، وقيل: أيَّام التَّشريق، وقيل: إنَّها خمسة أيَّام أوَّلها يوم التَّروية، وقيل: ثلاثة أيَّام أولها يوم عرفة.
ويعضد كون المراد أيَّام النَّحر قوله تعالى: ({عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}) فإنَّ المراد التَّسمية عند ذبح الهدايا والضَّحايا، وعلق الفعل / بالمرزوق، وبيَّنه بالبهيمة تحريضاً على التقرُّب، وتنبيهاً على مقتضى الذِّكر، والبهيمة مبهمة بُيِّنَتْ هنا بالأنعام وهي الإبل والبقر والضَّأن والمعز ({فَكُلُوا مِنْهَا}) أي: من لحومها، أمر بذلك إباحة، وإزالة لما عليه أهل الجاهليَّة من التحرُّج فيه، فإنَّهم كانوا يحرمون أكلها ولا يأكلون من نسائكهم، أو ندباً إلى مواساة الفقراء ومساواتهم. ومن ثمَّة استحبَّ الفقهاء أن يأكل الموسِع من أضحيته مقدار الثُّلث لما فيه من استعمال التَّواضع.
وعن ابن مسعود ☺: أنَّه بعث بهدي وقال فيه: إذا نحرته فكل وتصدَّق وابعث منه إلى عتبة يعني: ابنه. وفي الحديث: ((كلوا وادَّخروا وائتجروا)). ويروى: ((واتَّجروا)) أي: تصدَّقوا طالبين الأجر. وعند بعضهم: لا يجوز الأكل من الدَّم الواجب، وإنَّما يجوز من المتطوَّع به.
({وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ} (3)) الذي أصابه بؤس؛ أي: شدَّة ({الْفَقِيرَ} [الحج:28]) المحتاج ({ثُمَّ لْيَقْضُوا}) أي: ثمَّ ليزيلوا ({تَفَثَهُمْ}) وسخهم بقصِّ الشَّارب والأظفار، ونتف الإبط والاستحداد عند الإحلال.
وقال عطاء، عن ابن عبَّاس ☻ : التفث: حلق الرَّأس، وأخذ الشَّارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والوقوف بعرفة، أو التفث: المناسك.
والتَّفث في الأصل: الوسخ والقذارة من طول الشَّعر والأظفار والشَّعث وقضاؤه نقضه وإذهابه.
وقال الزَّجاج: أهل اللَّغة لا يعرفون التَّفث إلا من التَّفسير، وكأنَّه الخروج من الإحرام إلى الإحلال.
({وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}) ما ينذرون من البرِّ في حجِّهم، وقيل: مواجب الحج ({وَلْيَطَّوَّفُوا}) طواف الرُّكن الذي به تمام (4) التَّحليل، فإنَّه قرينة قضاء التفث، وقيل: طواف الوداع ({بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29]) أي: القديم لأنَّه أوَّل بيت وضع للنَّاس، فسَّره بذلك الحسن، أو المعتق من تسلُّط الجبابرة، فكم من جبارٍ سار إليه ليهدمه فمنعه الله كأبرهة فعل به ما فعل، وأمَّا الحجَّاج فإنَّما قصد إخراج ابن الزُّبير عنه دون التسلُّط عليه، وقيل: لأنَّه يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب. لكن قال ابن عطيَّة: وهذا يَردُّه التَّصريف. انتهى.
وتعقَّبه أبو حيَّان فقال: لا يردُّه؛ لأنَّه فسَّره تفسير معنى، وأمَّا من حيث الإعراب فلأن العتيق فعيل بمعنى مُفْعِل؛ أي: مُعْتِقُ رقاب المذنبين، ونسب الإعتاق إليه مجازاً إذ بزيارته والطَّواف به يحصل الإعتاق وينشأ عن كَوْنه مُعْتِقاً أن يقال فيه: تُعْتَق فيه رقابُ المذنبين.
({ذَلِكَ}) خبر مبتدأ محذوف؛ أي الأمر والشَّأن ذلك. وذلك كما يقدم الكاتب جملة من كتابه في بعض المعاني، ثمَّ إذا أراد الخوض في معنى آخر قال هذا.
({وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ}) الحرمة ما لا يحل هتكه، وجميع ما كلفه الله تعالى بهذه الصِّفة من مناسك الحجِّ وغيرها، فيحتمل أن يكون عامًّا في جميع تكاليفه، ويحتمل أن يكون خاصًّا فيما يتعلَّق بالحجِّ.
وعن زيد بن أسلم: الحرمات خمس: الكعبة الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام، والشَّهر الحرام والمحرم (5) حتَّى يحل. ومعنى التَّعظيم العلم بأنَّها واجبة المراعاة والحفظ، والقيام بمراعاتها، وقيل: معنى تعظيم حرمات الله ترك ما نهى الله.
({فَهُوَ}) أي: التَّعظيم ({خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:30]) ثواباً، وفي رواية / أبي ذرٍّ وأبي الوقت: <{يَأْتُوكَ رِجَالاً} إلى قوله: {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:27-30]> فَحَذَفَا ثبت عند غيرهما ممَّا ذكر من الآيات.
وعزا الحافظ العسقلاني سياق الآيات كلِّها إلى رواية كريمة، قال: والمراد منها هنا قوله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] ولذلك عطف عليها في التَّرجمة: وما يأكل من البُدْن، وما يتصدَّق؛ أي بيان المراد من الآية. انتهى.
وقال العيني: الذي قاله إنَّما يتمشَّى أنْ (6) لو لم يكن بين هذه الآيات، وبين قوله: ((ما يأكل من البدن وما يتصدَّق)) بابٌ. وفي معظم النُّسخ بعد قوله: {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}: <باب ما يؤكل من البدن وما يتصدق> فأين العطف؛ إذ كل واحد من البابين ترجمة مستقلَّة.
والظَّاهر: أنَّه ذكر هذه الآيات ترجمة، ولم يذكر فيها حديثاً يطابقها إما لأنَّه لم يجد على شرطه، أو أدركه الموت قبل أن يضعه.
ووجه آخر وهو أقرب: أنَّ هذه الآيات مشتملة على أحكام الحجِّ، فذكر هذه الآيات تنبيهاً على تلك الأحكام، وهي تطهير البيت للطَّائفين والمصلِّين من الأصنام والأوثان والأقذار، وأمر الله تعالى لرسوله أن يؤذِّن للنَّاس بالحجِّ، وذلك في حجَّة الوداع، على بعض التَّفاسير. وشهود المنافع الدِّينية والدُّنيوية المختصَّة بهذه العبادة. وذكر اسم الله تعالى في أيَّام معلومات وهي عشر ذي الحجَّة على قول. وشكرهم له على ما رزقهم من الأنعام يذبحون وينحرون، والأمر بالأكل منها وإطعام الفقير. وقضاء التفث مثل حلق الرَّأس ونحوه، والوفاء بالنَّذر، والطَّواف بالبيت العتيق، وتعظيم حرمات الله تعالى.
هذا، وقال القسطلاني: وهذا عجيب منه، فإنَّ قوله: في معظم النُّسخ، فيه إشعار بحذف الباب في بعض النُّسخ ممَّا وقف هو عليه، ولا مانع أن يعتمده شيخ الصَّنعة الحافظ ابن حجر لما ترجَّح عنده، بل صرَّح بأنَّه الصَّواب، وهو رواية الحافظ أبي ذرٍّ مع ثبوت واو العطف قبل قوله: ما يأكل من البدن. نعم في رواية غير أبي ذرٍّ كما في الفرع وغيره هكذا.
[1] في هامش الأصل: يقال لها: الخجوج وهي ريح تلتوي في هبوبها، وقال الأصمعي: هي من الرياح الشديدة المَرِّ. منه.
[2] في هامش الأصل: قوله: تعبَّدنا من التعبُّد بمعنى الاستعباد، وهو أن يتخذه عبداً. منه.
[3] في هامش الأصل: وقيل: البائس: الضرير الزمن، والفقير الذي أضعفه الإعسار. منه.
[4] في هامش الأصل: فإن أصل التحليل يقع بالحلق، وتمامه بالطواف حيث يحل له النساء أيضاً. منه.
[5] في هامش الأصل: الظاهر والإحرام. منه.
[6] كذا في العمدة والمؤلف ينقل منه هنا.