نجاح القاري لصحيح البخاري

باب التمتع والإقران والإفراد بالحج

          ░4▒ (بابُ التَّمَتُّعِ) وهو: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجِّ وبعد الفراغ منها يحرم بالحجِّ في تلك السنة من غير إلمامٍ صحيحٍ بأهله، سمِّي بذلك؛ لأنَّهم يتمتَّعون بالنِّساء والطيب بين العمرة والحجِّ، قاله عطاء.
          وقال ابن الأثير: سمِّي بذلك؛ لأنَّه تمتع وترفق بأداء النسكين على وجه الصِّحة في سفرةٍ واحدةٍ، والله أعلم.
          (وَالإِقْرَان) بكسر الهمزة، من أقرن بين العمرة والحجِّ، وهو أن يحرم بهما معاً بأن يقول: لبَّيك بعمرةٍ وحجٍّ معاً، وهكذا وقع في رواية أبي ذرٍّ: بكسر الهمزة في أوله. قال القاضي عياض: وهو خطأ من حيث اللغة، وفي «المطالع»: القِران في الحجِّ هو الجمع بين الحجِّ والعمرة في الإحرام يقال منه: قرن ولا يقال: أقرن. هذا، وروي عنه صلعم أنَّه «نهى عن القِران إلَّا أن يستأذن أحدكم صاحبه».
          قال ابن الأثير: ويروى: ((عن الإقران)) فإذا رُوِيَ الإقرانُ في الكلام الفصيح كيف يقال: إنَّه خطأ، وكيف يقال: ولا يقال: أقرن، فالقِران من الثُّلاثي، والإقران من المزيد من قرن يقرن، من باب ضَرَب يَضْرِب، قاله ابن التِّين.
          وفي «المحكم» و«الصحاح»: من باب نَصَر ينصُر.
          (وَالإِفْرَادِ بِالْحَجِّ) وهو: الإحرام بالحجِّ وحده (وَفَسْخِ الْحَجِّ) وهو: أن يحرم بالحجِّ ثمَّ يتحلَّل منه بعمل العمرة، أمَّا القِران والإفراد فلا خلاف في جوازهما، وأمَّا فسخ الحجِّ ففي جوازه خلافٌ؛ / ذهب إلى جوازه أحمد، وذهب باقي الأئمَّة إلى عدم جوازه وإلى أنَّ ذلك كان خاصًّا بالصَّحابة ♥ ، وأمَّا التَّمتُّع فهو جائزٌ أيضاً إلَّا أنَّه روي عن عمر وعثمان ☻ أنَّهما كانا ينهيان عنه، وقيل: ذلك النَّهي كان نهي تنزيهٍ، وقيل: إنَّما نهيا عن فسخ الحجِّ إلى العمرة لا عن التَّمتع.
          قال الحافظ العسقلانيُّ: ظاهر تصرُّف البخاريِّ إجازة فسخ الحجِّ إلى العمرة فإنَّ تقدير التَّرجمة: باب مشروعيَّة التَّمتع إلى آخره.
          وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّا لا نسلم هذا التَّقدير بل الظَّاهر أنَّ التَّقدير: باب بيان التَّمتع.. إلى آخره وهو أعمُّ ممَّا ذكره.
          (لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ) فإنَّ من ساق الهدي لا يجوز له فسخ الحجِّ إلى العمرة.