نجاح القاري لصحيح البخاري

باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.

          ░81▒ (بابٌ) بالتَّنوين (تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ) أي: أفعال الحج (كُلَّهَا إِلاَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ) جزم بهذا الحكم لعدم الخلاف فيه ولتصريح الأخبار التي ذكرها في الباب بذلك (وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) وهذا أيضاً من التَّرجمة؛ أي: إذا سعى الحاج أو المعتمر بين الصَّفا والمروة وهو على غير وضوء.
          أورده مورد الاستفهام لأجل الخلاف فيه، وكأنَّه أشار إلى ما روي عن مالك في حديث الباب بزيادة ((ولا بين الصَّفا والمروة)).
          قال ابن عبد البر: لم يقله أحدٌ عن مالك إلَّا يحيى بن يحيى التَّميمي النِّيسابوري، وقال الحافظ العسقلاني: فإن كان يحيى حفظه، فلا يدلُّ على اشتراط الوضوء للسَّعي؛ لأنَّ السَّعي يتوقَّف على تقديم طواف قبله، فإذا كان الطَّواف ممتنعاً امتنع السَّعي كذلك لا لاشتراط الطَّهارة له.
          وقد رُوِيَ عن ابن عمر ☻ أيضاً قال: ((تقضي الحائض المناسك كلَّها إلا الطَّواف بالبيت وبين الصَّفا والمروة))، ولم يذكر / ابن المنذر عن أحدٍ من السَّلف اشتراط الطَّهارة للسَّعي إلَّا عن الحسن البصري.
          وقد حكى المجد ابن تيمية من الحنابلة روايةً عندهم مثله، وأمَّا ما رُوِيَ عن عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن أنَّها إذا طافت ثمَّ حاضت قبل أن تسعى بين الصَّفا والمروة فلتَسْعَ، وهذا إسنادٌ صحيح عن الحسن فلعلَّه يفرَّق بين الحائض والمُحْدِث.
          وقال ابن بطَّال: كأنَّ البخاريَّ فَهِمَ أنَّ قوله صلعم لعائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)) أنَّ لها أن تسعى، ولهذا قال: وإذا سعى على غير وضوء. انتهى.