نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟

          ░83▒ (بابٌ) بالتنوين (أَيْنَ يُصَلِّي الظُّهْرَ) أي: في أيِّ مكان يصلِّي صلاة الظُّهر (يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) وهو اليوم الثَّامن من ذي الحِجَّة، والتَّروية على وزن التَّكْمِلَة مصدر من التفعيل وثلاثيه روي من الماء، يَرْوِي بالكسر فيهما، ويقال: مثل رَضِيَ أيضاً رِياً ورَيًّا وإنَّما سمِّي هذا اليوم بذلك؛ لأنَّهم كانوا يروون فيه إِبِلَهم، ويتروون من الماء بحَمْل الماء معهم من مكَّة إلى عرفات؛ لأنَّ تلك الأماكن لم يكن إذ ذاك فيها آبار ولا عيون، وأمَّا الآن فقد كثرت جدًّا واستغنوا عن حمل الماء.
          وقد روى الفاكهي في كتاب «مكَّة» من طريق مجاهد قال: قال عبد الله بن عمر ☺: ((يا مجاهد إذا رأيت الماء بطريق مكَّة ورأيت البناء يعلو أخاشِبَها فخذ حذرك)). وفي رواية: ((فاعلم أنَّ الأمر قد أظلَّك)) وقيل: في التَّسمية أقوال أخرى شاذَّة منها: أنَّ آدم رأى فيه حوَّاء ♂، واجتمع بها، وفيه أنَّه لو كان كذلك لكان يوم الترئية بالهمز لأنَّه من الرؤية.
          ومنها أنَّ إبراهيم ◙ رأى في ليلته أنَّه يذبح ابنه فأصبح متفكِّراً يَتَروَّى. وفيه: أنَّه لو كان كذلك لكان يوم التروِّي بتشديد الواو. ومنها أنَّ جبريل ◙ أرى فيه إبراهيم ◙ مناسك الحج، وفيه أنَّه لو كان كذلك لكان يوم الإراءة، ومنها أنَّ الإمام يعلم النَّاس فيه مناسك الحج، وفيه أنَّه لو كان كذلك لقيل يوم الرِّواية، كذا قيل، وفيه تأمُّل، فافهم.