-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب من نحر بيده
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░106▒ (باب) حكم (مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ) هديه (بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ) الإشعار لغةً: هو الإعلام من الشُّعور الَّذي هو العِلْمُ بالشَّيء، من شَعرَ يشْعُر، من باب نَصَرَ ينْصُر إذا عَلِمَ.
وشرعاً: هو أن يضرب صفحة سنامها اليمنى بحديدةٍ حتَّى يتلطَّخ بالدَّم ظاهراً، وهو سنَّة ولا نظر فيه إلى الإيلام؛ لأنَّه لا منْعَ إلَّا ما مَنَعَهَ الشَّرع.
وذكر القزَّاز: إشعارُها أن يُوجأ أصلُ سنامها بسكينٍ سُمِّيتْ بما حلَّ فيها، وذلك لأنَّ الَّذي فعل بها علامة تعرف بها. وفي «المحكم»: هو أن يَشقُّ جِلدها، أو يطعَنَها حتَّى يظهر الدَّم.
وقال ابن قُرْقُول: إنَّ إشعارها / هو تعليمها بعلامةٍ بِشَقِّ جِلْدِ سنامها عرضاً من الجانب الأيمن هذا عند الحجازيِّين، وأمَّا العراقيُّون فالإشعار عندهم تقليدها بقلادةٍ، وقيل: الإشعار أن يكشط جلد البَدَنَة حتَّى يسيل دمٌ، ثمَّ يسلته فيكون ذلك علامةً على كونها هدياً. وأمَّا كيفيَّة الإشعار فاختُلف فيها.
فقال أبو يوسف ومحمَّد: كيفيَّته أن يطعنها في أسفل سَنامها من الجانب الأيسر حتَّى يسيل الدَّم. وعند الشَّافعي وأحمد في قولٍ من الجانب الأيمن.
وأخرج البيهقيُّ من طريق ابن وهبٍ، عن مالكٍ، عن نافع: أنَّ عبد الله بن عمر ☻ كان يُشْعِر بُدْنه من الشِّق الأيسر، إلَّا أن يكون صِعاباً، فإذا لم يستطع أن يَدْخلَ بينهما أشعر من الشِّقِّ الأيمن. وتبيَّن بهذا أنَّ ابن عمر ☻ كان طعن في الأيمن تارة، وفي الأيسر أُخرى بحسب ما يتهيَّأ له ذلك.
وقال ابن قُدامة: وعن أحمد من الجانب الأيسر؛ لأنَّ ابن عمر ☻ فعله كذلك، وبه قال مالك، وحكاه ابنُ حزمٍ عن مجاهد، يقول: كانوا يستحبُّون الإشعار في الجانب الأيسر.
وفي «شرح الموطأ» للإشبيليِّ، وجاز الإشعار في الجانب الأيمن، وفي الجانب الأيسر، وكان ابن عمر ☻ ربَّما فعل هذا، وربَّما فعل هذا، وأكثر أهل العلم يستحبُّونه في الجانب الأيمن، منهم الشَّافعيُّ وإسحاق؛ لحديث ابن عبَّاس ☻ أنَّ رسول الله صلعم صلَّى الظُّهر بذي الحُلَيْفة، ثمَّ دعا ببَدَنةٍ فأشعرها في صفحة سنامها اليمنى، ثمَّ سَلَتَ الدَّم عنها وقلَّدها بنَعْلين. أخرجه مسلم. وعند أبي داود: ((ثمَّ سَلَتَ الدَّم بيده))، وفي لفظٍ: ((ثمَّ سَلَتَ الدَّم بإصبعه))، وقال ابن حبيبٍ: أشعر طولاً.
وقال السَّفاقسي: عرضاً، والعرضُ عَرْضُ السَّنام من العنق إلى الذَّنب، وقال مجاهد: أشعِر من حيث شِئْت، ثمَّ قال: والإشعار طولاً في شقِّ البعير أخذاً من جهة مقدم البعير إلى جهة عجزه، فيكون مجرى الدَّم عريضاً فيتبيَّن الإشعار، ولو كان مع عرض البعير كان مجرى الدَّم يسيراً خفيفاً لا يقع به مقصودُ الإعلان بالهدي.
ثمَّ إنَّ الإشعار سنَّة كما تقدَّم آنفاً، وهو مذهب جمهور العلماء، وذكر ابن شيبة في «مصنفه» بأسانيد جيَّدة عن عائشة ♦، وابن عبَّاس ☻ : إن شئت فأشعِر وإن شئت فلا.
وقال ابن حزمٍ في «المُحَلَّى»: قال أبو حنيفة: أكره الإشعار، وهو مثلة وهي منهيٌّ عنها وعن تعذيب الحيوان، وقال: هذه طامَّةٌ من طوامِّ العَالَم أن يكون شيءٌ فعله رسول الله صلعم مُثْلةً، أفٍّ لكلِّ عقلٍ / يتعقَّب حكم رسول الله صلعم ، ويَلْزَمُه أن تكون الحِجَامةُ وفَتْحُ العِرْق مُثْلةً، فيمنع من ذلك، وهذا قوله: لا يُعلم لأبي حنيفة فيها متقدِّم من السَّلف، ولا موافِقٌ من فقهاء عصره إلَّا مَن ابتلاه الله بتقليده. انتهى كلامه.
وتعقَّبه المولى العينيُّ ☼ : بأنَّ هذا سفاهة وقلَّة حياءٍ؛ يعني: من مقلَّد يقول إمامه في حقِّ ذلك الإمام الأعظم: الخلق كلُّهم عيالُ أبي حنيفة في الفقه.
وقد ذكر الطَّحاوي الَّذي هو أعلم النَّاس بمذاهب الفقهاء، ولا سيَّما مذهب أبي حنيفة ☼ : أنَّ أبا حنيفة لم يكره أصل الإشعار ولا كونه سنَّة، وإنَّما كره ما يُفْعَلُ على وجهٍ يُخَافُ منه هلاكُها لسراية الجرحِ، لا سيما في حرِّ الحجاز مع الطَّعن بالسِّنان أو الشَّفرة، فأراد سدَّ الباب على العامَّة لأنَّهم لا يُراعون الحدَّ في ذلك. وأمَّا مَن وقف على الحدِّ فقطع الجلد دون اللَّحم، فلا يكرهه.
وذكر الكِرماني صاحب «المناسك» عنه استحسانَه، قال: وهو الأصحُّ لا سيما إذا كان بمبضعٍ ونحوه، فيصير كالفَصْدِ والحِجامة.
وأمَّا قوله: وهذا قوله: لا يُعْلَم لأبي حنيفة فيها متقدِّم من السَّلف، فقولٌ فاسد؛ لأنَّ ابن بطَّال ذَكَرَ أنَّ إبراهيم النَّخَعي أيضاً لا يرى الإشعار.
ولمَّا روى التَّرمذي حديث ابن عبَّاسٍ ☻ ((أنَّ النَّبيَّ صلعم قلَّد نَعْلَيْن، وأشعر الهدي بالشِّق الأيمن بذي الحُليفة، وأماط عنه الدَّم))، قال: سمعت يوسف بن عيسى يقول سمعت وكيعاً يقول: حين رأى هذا الحديث: لا تنظروا إلى قول أهل الرَّأي في هذا، فإنَّ الإشعارَ سنَّة، وقولَهم بدعةٌ، قال: وسمعت أنَّ السَّائب يقول: كنَّا عند وكيع، فقال لرجلٍ ممَّن ينظر في الرَّأي: أشْعَرَ رسولُ الله صلعم ويقول أبو حنيفة هو مُثْلَةٌ، فقال له الرَّجل: فإنَّه قد رُوِيَ عن إبراهيم النَّخعي أنَّه قال: الإشعار مثلةٌ، قال: فرأيت وكيعاً غضب غضباً شديداً، وقال: أقول لك أشعر رسول الله صلعم وتقول: قال إبراهيم: ما أحقَّك أن تُحبسَ ثمَّ لا تُخْرَجَ حتَّى تَنْزِعَ عن قولك هذا. انتهى.
وقال الخطَّابي: أشعَر النَّبيُّ صلعم بدنة آخر حياته، ونهيه عن المُثْلة كان أوَّل مقدمه المدينة، مع أنَّه ليس من المثلة، بل من باب آخر. انتهى. أي: بل هو كالخِتان والفَصد وشقِّ أذن الحيوان لتكون علامةً، وغير ذلك. وقال أيضاً: لا أعلم أحداً يكره الإشعار إلَّا أبا حنيفة، قال: وخالفه صاحباه، وقالا بقول عامَّة أهل العلم.
هذا، وقال العينيُّ: الجواب عمَّا قاله التِّرمذيُّ عن وكيع، وعمَّا قاله الخطَّابي، وعن قول كلِّ من يتعقَّب على أبي حنيفة ☼ بمثل هذا، يَحْصُل ممَّا قاله الطَّحاوي، وقد رأيت كل ما ذكروه / فيه أريحيَّة العصبيَّة والحطُّ على من لا يجوز الحطُّ عليه، وحاشا من أهل الإنصاف أن يصدرَ منهم ما لا يليق ذكره في حقِّ الأئمَّة الأجلَّاء، على أنَّ أبا حنيفة ☼ لم يكره أصل الإشعار، ولا كَوْنَه سنَّة، كما مرَّ آنفاً.
وقال أيضاً: لا أتبع الرَّأي والقياس إلَّا إذا لم أظفر بشيءٍ من الكتاب، أو السنَّة، أو الصَّحابة ♥ ، وهذا ابن عبَّاس وعائشة ♥ قد خيَّرا صَاحب الهدي في الإشعار وتركه على ما ذكر عن قريب، وهذا يشعر منهما أنَّهما كانا لا يريان الإشعار سنَّة، ولا مستحبًّا؛ يعني: دلَّ ذلك على أنَّ الإشعار ليس بنسكٍ، والله الهادي إلى سبيل الرَّشاد.
وأمَّا الحكمة في الإشعار؛ فمِن وجوهها أنَّ البدنة الَّتي أشعرت إذا اختلطت بغيرها تميَّزت، وإذا ضلَّت عُرِفَت. ومنها: أنَّ السَّارق ربَّما ارتدع فتركها. ومنها: أنَّها قد تُعطب فتُنحر، فإذا رأى المساكينُ عليها العلامةَ أكلوها، وأنَّهم يتبعونها إلى المنحر لينالوا منها. ومنها: أنَّ فيها تعظيمَ شعائر الشَّرع، وحثَّ الغير عليها.
ثمَّ إنَّ الإشعار مختصٌّ بالإبل أولاً، قال ابن بطَّال: اختلفوا في إشعار البقر، فكان ابن عمر ☻ يشعر من أسنمتِها. وحكاه ابن حزمٍ عن أُبيِّ بن كعب ☺ أيضاً.
وقال الشَّعبي: تُقَلَّدُ وتُشْعَر، وهو قول أبي ثورٍ، وقال مالك: تُشْعَر الَّتي لها سَنامٌ وتُقَلَّد، ولا تُشعر الَّتي لا سنام لها وتقلَّد. وقال سعيد بن جبيرٍ: تقلَّد ولا تشعر. وأمَّا الغنم فلا يسنُّ إشعارها لضَعفها، ولأنَّ صوفها يستُر موضع الإشعار.
وقال ابن التِّين: وما علمت أحداً ذكر الخلاف في البقر المسنَّمة إلَّا الشَّيخ أبا إسحاق، وما أراه موجوداً. وأمَّا التَّقليد فهو أن يعلَّق في عنق البَدَنة شيءٌ ليُعلم أنَّه هديٌ، فلو قَلَّد بنعلٍ، أو جلدٍ، أو عروة مزادة، أو لحي شجر أو شبه ذلك يحصل المقصود عندنا.
وذهب الشَّافعي والثَّوري إلى أنَّها تُقَلَّدُ بنعلين، وهو قول ابن عمرَ ☻ . وقال الزَّهري ومالك: يجزئ واحدةٌ. وعن الثَّوري: يجزئ فم القربة، ونعلان أفضل لمن وجدهما، وهو سنَّة بالإجماع.
هذا، وقال ابن بطَّال: غرض البخاري في هذه التَّرجمة أن يبيِّن أنَّ المستحبَّ أن لا يشعر المُحْرِم ولا يُقَلِّد إلَّا في ميقات بلده.
وقال الحافظ العسقلانيُّ: والَّذي يظهر أنَّ غرضه / الإشارة إلى ردِّ قول مجاهد: لا يُشعر حتَّى يحرم، أخرجه ابن أبي شيبة، وهو خلافُ ما في التَّرجمة لقوله: أشْعِر ثمَّ أَحْرِم. ووجه دلالة حديث المسور بن مخرمة ☺ أنَّ ظاهر قوله: ((حتَّى إذا كانوا بذي الحليفة قلَّد الهَدي وأحرم)) البُدَاءة بالتَّقليد.
ووجه دلالة حديث عائشة ♦ أنَّ قولها: ((ثمَّ قلَّدها وأَشْعَرها، وما حَرُم عليه شيءٌ))، يدلُّ على أنَّ تقدُّم الإحرام ليس شرطاً في صحَّة التَّقليد والإشعار.
وأَبْيَنُ من ذلك لتحْصِيلِ مقصود التَّرجمة ما أخرجه مسلم من حديث ابن عبَّاسٍ ☻ ، قال: ((صلى النبي صلعم الظُّهر بذي الحُلَيفة ثمَّ دعا بناقته فأشعرها في سنامها الأيمن، وسَلَتَ الدَّم، وقلَّدها نعلين، ثمَّ ركب راحلته فلمَّا استوت به على البيداء؛ أهلَّ بالحجِّ)).
(وَقَالَ نَافِعٌ) مولى ابن عمر ☻ (كَانَ ابْنُ عُمَرَ) ☻ (إِذَا أَهْدَى مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ) بأن يعلِّق في عنق الهَدي نَعْلَين من النِّعال الَّتي تُلبس في الإحرام (وَأَشْعَرَهُ) الضَّمير المنصوب في قلَّده وأشعره يرجعُ إلى الهدي المستفاد من قوله: أَهْدَى (بِذِي الْحُلَيْفَةِ، يَطْعُنُ) بضم العين؛ من الطعن بالرِّمح ونحوه.
(فِي شِقِّ) بكسر الشين المعجمة؛ وهي النَّاحية والنِّصف، والمراد في ناحية صفحةِ (سَنَامِهِ) بفتح السين المهملة؛ أي: سَنام الهَدي (الأَيْمَنِ) نعت لشق (بِالشَّفْرَةِ) بفتح الشين المعجمة؛ أي: السِّكين العريض بحيث يكشط جلدها حتَّى يظهر الدَّم (وَوَجْهُهَا) أي: والحال أنَّ وجه البَدَنة الَّتي هي الهدي وليس بإضمارٍ قَبْلَ الذِّكر (قِبَلَ) بكسر القاف وفتح الموحدة؛ أي: جهةَ (الْقِبْلَةِ) في حالتي التَّقليد والإشعار (بَارِكَةً) نصبٌ على الحال.
ومطابقة الأثر للتَّرجمة من حيث إنَّ ابن عمر ☻ كان يقلِّد ويُشْعِرُ بذي الحليفة، والظَّاهر أنَّه يبدأ بالتَّقليد والإشعار قبل الإحرام.
وهذا التَّعليق وصله مالك في «الموطأ»، قال: عن نافع، عن عبد الله بن عمر ☻ ، ((أنَّه كان إذا أهدى هدياً من المدينة قلَّده بذي الحليفة، يقلِّده قبل أن يشعره، وذلك في مكانٍ واحدٍ وهو متوجِّه إلى القبلة، يقلِّده بنعلين، ويشعره من الشِّقِّ الأيسر، ثمَّ يُساق معه حتَّى يُوقَفَ به مع النَّاس بعرفة، ثمَّ يدفع به، فإذا قدم غداة النَّحر نحره)).
فإن قيل: الَّذي علَّقه البخاري يدلُّ على الأيمن، والَّذي / رواه مالك يدلُّ على الأيسر.
فالجواب: أنَّه قال ابن بطَّال: روي أنَّ ابن عمر ☻ كان يشعرها مرَّةً في الأيمن، ومرَّةً في الأيسر. وروى البيهقي عن ابن جُريجٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر ☻ ((أنَّه كان لا يُبالي في أيِّ الشِّقَّين أشْعَرَ في الأيسر، أو في الأيمن)). وقد مرَّ فيما تقدَّم أيضاً [خ¦25/106-2659]، فأخذ مالك وأحمد في روايةٍ روايةَ الأيسر. وأخذ الشَّافعيُّ وأحمد في روايةٍ أخرى برواية الأيمن.
قال البيهقيُّ: وإنَّما يقول الشَّافعي بما روي في ذلك عن النَّبيِّ صلعم ، يشير إلى حديث ابن عبَّاس ☻ ((أشعر النَّبيُّ صلعم في الشقِّ الأيمن)).
وعن نافعٍ عن ابن عمر ☻ : ((كان إذا طعن في سَنام هديه وهو يشعره قال: بسم الله والله أكبر)).