إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟

          482- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) بن منصورٍ كما جزم به أبو نُعيمٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ) بضمِّ المُعجَمة، ولابن عساكر: ”النَّضر بن شميلٍ“ (قَالَ: أَخْبَرَنَا) وللأَصيليِّ: ”حدَّثنا“ (ابْنُ عَوْنٍ) بفتح العين وسكون الواو، عبد الله (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) محمَّدٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (قَالَ): (صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلعم إِحْدَى صَلَاتَيِ العَشِيِّ) بفتح العين المُهمَلة وتشديد الياء، وهو من أوَّل الزَّوال إلى الغروب، وللمُستملي والحَمُّويي: ”صلاة العشاء“ بالمدِّ، ووهم في ذلك لما صحَّ أنَّها الظُّهر أو العصر. (_قَالَ ابْنُ سِيرِينَ) محمَّدٌ: قد (سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا_) أهي الظُّهر أم العصر؟ (قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ) أي: موضوعةٍ بالعرض، أو مطروحةٍ (فِي) ناحية (المَسْجِدِ، فَاتَّكَأَ) ╕ (عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى) ولأبي الوقت والأَصيليِّ وابن عساكر: ”على يده اليسرى“ (وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ اليُسْرَى) ولغير الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ووضع يده اليمنى“ بدل ”خدِّه الأيمن“ والرِّواية الأولى أَوْلى لئلَّا يلزم التَّكرار (وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ) بفتح السِّين والرَّاء المُهمَلتين وضمِّ النُّون، فاعل «خرج» أي: أوائل النَّاس الَّذين يتسارعون، وضبطه الأَصيليُّ ممَّا في غير(1) «اليونينيَّة»: ”سُرْعان“ بضمِّ السِّين وإسكان الرَّاء، جمع سريعٍ ككَثِيبٍ وكُثْبَان(2)، وهو المسرع للخروج، وقول أبي الفرج فيما حكاه الزَّركشيُّ إنَّ فيه ثلاث لغاتٍ: فتح السِّين وكسرها وضمُّها، والرَّاء ساكنةٌ، والنُّون‼ نصبٌ أبدًا، تعقَّبه الدَّمامينيُّ بأنَّه إنَّما هو في «سرعان» الَّذي هو اسم فعلٍ(3)، أي: سَرُع ولذا قال: والنُّون نصبٌ أبدًا، أي: مفتوحةٌ لا تتغيَّر(4) عن الفتح لأنَّها حركة بناءٍ، فأمَّا جمع سريعٍ فمعربٌ، تعتور(5) نونه(6) الحركات الثَّلاث(7)، فنقل اللَّفظ في غير محلِّه، كما ترى. انتهى. (فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟!) بفتح القاف وضمِّ الصَّاد على البناء للفاعل، أو «قُصِرت»(8) من: قُصِر يُقصَر بضمِّ / القاف وكسر الصَّاد على البناء للمفعول، وعُزِي لأصل الحافظ المنذريِّ (وَفِي القَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا) بإسقاط الضَّمير المنصوب، وفي روايةٍ: ”فَهَابَاه“ أي: خافاه (أَنْ يُكَلِّمَاهُ) ◙ إجلالًا له (وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ) هو الخرباق، وكان (فِي يَدَيْهِ طُولٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو اليَدَيْنِ، قَالَ) وفي روايةٍ: ”فقال“: (يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟) بالفتح ثمَّ الضَّمِّ، أو الضَّمِّ ثمَّ الكسر كالسَّابقة (قَالَ) ╕ : (لَمْ أَنْسَ) في ظنِّي (وَلَمْ تُقْصَرْ) أي: الصَّلاة (فَقَالَ) ╕ للحاضرين: (أَكَمَا) أي: الأمر كما (يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ) الأمر كما يقول (فَتَقَدَّمَ) ╕ (فَصَلَّى مَا تَرَكَ) أي: الَّذي تركه، وهو الرَّكعتان (ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ) وسقط لابن عساكر «ثُمَّ كَبَّرَ» (وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ) أي: سألوا ابن سيرين: هل في الحديث (ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَيَقُولُ) وللأَصيليِّ ”يقول“: (نُبِّئْتُ) بضمِّ النُّون أي: أُخبِرت (أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ) ولأبي داود والتِّرمذيِّ والنَّسائيِّ من طريق أشعث عن ابن سيرين: حدَّثني خالد الحذَّاء عن أبي قلابة عن عمِّه أبي المُهلَّب عن عمران بن حصينٍ: «أنَّ رسول الله صلعم صلَّى بهم فَسَها، فسجد سجدتين ثمَّ تشهَّد ثمَّ سلَّم» فبيَّن أشعثُ الواسطة بين ابن سيرين وبين عمران.
           ومباحث هذا الحديث تأتي _إن شاء الله تعالى_ في «باب السَّهو»، ورواته الخمسة ما بين مروزيٍّ وبصريٍّ، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه أيضًا في «السَّهو» [خ¦1228]، وكذا مسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه.


[1] في (د): «فرع».
[2] في (م): «ككتبٍ وكتبان».
[3] في (م): «فاعل»، وليس بصحيحٍ.
[4] في (د): «تُغيَّر».
[5] في (م): «بغير».
[6] زيد في (م): «وفي».
[7] في (د) و(ج): «تغيَّر نونه في الحركات الثَّلاث».
[8] «قُصِرت»: سقط من (د).