إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الصلاة على الحصير

          ░20▒ (بابُ) حكم (الصَّلَاةِ عَلَى الحَصِيرِ) وهي ما اتُّخِذ من سَعَف النَّخل وشبهه، قدر طول الرَّجل وأكبر(1)، والنُّكتةُ في هذه التَّرجمة الإشارةُ إلى ضعف حديث ابن أبي شيبة وغيره عن يزيد بن المقدام عن أبيه عن(2) شريح بن هانئٍ: أنَّه سأل عائشة: أكان النَّبيُّ صلعم يصلِّي على الحصير، والله تعالى يقول: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}[الإسراء:8]؟ فقالت له: لم يكن يصلِّي على الحصير، لضعف يزيد بن المقدام، أو ردَّه لمعارضة ما هو أقوى منه.
           (وَصَلَّى جَابِرٌ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”جابر بن عبد الله“ (وَأَبُو سَعِيدٍ) الخدريُّ ممَّا وصله ابن أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ (فِي السَّفِينَةِ) كلٌّ منهما حال كونه (قَائِمًا) كذا في الفرع، وفي غيره: ”قيامًا“ بالجمع، وأراد التَّثنية، وأدخل المؤلِّف هذا الأثر هنا لِمَا بينهما من المُناسبَة بجامع الاشتراك في الصَّلاة على غير الأرض؛ لئلَّا يُتوهَّم من قوله ╕ لمعاذٍ: «عفِّر وجهك في التُّراب» اشتراطُ مُباشرةِ المصلِّي الأرض.
           (وَقَالَ الحَسَنُ) البصريُّ ممَّا وصله ابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيحٍ أيضًا خطابًا لمن سأله عن الصَّلاة في السَّفينة: هل يصلِّي قائمًا أو قاعدًا؟ فأجابه: (تُصَلِّي) حال كونك (قَائِمًا مَا لَمْ تَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِكَ) بالقيام (تَدُورُ مَعَهَا) أي: مع السَّفينة حيثما دارت (وَإِلَّا) بأن كان يشقُّ عليهم (فَقَاعِدًا) أي: فصلِّ حال كونك قاعدًا لأنَّ الحرج مرفوعٌ، نعم جوَّز أبو حنيفة الصَّلاة في السَّفينة قاعدًا مع القدرة على القيام، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”يصلِّي“ بالمُثنَّاة التَّحتيَّة، وكذا: ”يشقُّ على أصحابه“ بضمير الغائب، ”يدور“ بالتَّحتيَّة كذلك، وفي متن الفرع: ”وقال الحسن: قائمًا....“ إلى آخره، فأسقط لفظ «يصلِّي».


[1] في (د): «وأكثر».
[2] «عن»: سقط من(د) و(م).