الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إذا تثاوب فليضع يده على فيه

          ░128▒ (باب: إذا تَثَاوَبَ فَلْيَضَع يَدَه عَلَى فِيْه)
          قالَ الحافظُ: كذا للأكثر، وللمُسْتَملي: <تثاءب> بهمزة بدل الواو، وقد أنكر الجوهريُّ كونه بالواو، وقال غير واحد: إنَّهما لغتان، وبالهمز والمدِّ أشهرُ. انتهى.
          وأمَّا مطابقة الحديث بالتَّرجمة فقالَ الكَرْمانيُّ: فإن قلت: أين وجهُ الدِّلالة(1) على وضع اليد على الفم؟ قلت: عموم الرَّدِّ، إذ قد يكون ذلك بالوضع كما يكون بتطبيق الشَّفة على الأخرى مع أنَّ الوضع أسهل وأحسن، قالَ ابنُ بطَّالٍ: ليس في الحديث الوضع، ولكن ثبت في بعض الرِّوايات: ((إذا تثاءَبَ أحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ على فيه)). انتهى.
          قالَ الحافظُ: وقد وقع في بعض طرقه صريحًا أخرجه مسلم وأبو داود مِنْ حديث أبي سعيدٍ الخُدْريِّ بلفظ: ((إذَا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ على فَمِهِ)) ولفظ التِّرمذيِّ مثلُ لفظ التَّرجمة. انتهى.
          قالَ العلَّامةُ العينيُّ: فإن قلت: أكثر روايات «الصَّحيحين» أنَّ التَّثاؤب مطلق وجاء مقيَّدًا بحالة الصَّلاة في رواية لمسلم مِنْ حديث أبي سعيد: ((إذا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ في الصَّلاة فَلْيَكْظِمْ ما اسْتَطاعَ)).
          قلت: قال شيخنا زين الدِّين ☼: يُحمل المطلق على المقيَّد، وللشَّيطان غرضٌ قويٌّ في التَّشويش على المصلِّي في صلاته. انتهى.
          وقالَ العلَّامةُ القَسْطَلَّانيُّ: ولم يتعرَّض لأيِّ اليدين يضعها، ووقع في «صحيح أبي عوانة» أنَّه قال عقب الحديث: ووضع سهيل_ يعني راويَه عن أبي سعيد عن أبيه_ يده اليسرى على فيه، وهو محتمل لإرادة التَّعليم خوف إرادة وضع اليمنى بخصوصها. انتهى.
          وهذا آخر كتاب الأدب أدَّبنا اللهُ تعالى بآداب الإسلام بفضله العميم، وعصمَنا مِنْ نزغات الشَّيطان وزَلَّات الأقدام بلطفه الكريم.
          وأمَّا براعة الاختتام فقالَ الحافظُ: البراعة فيه(2) في قوله: (فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ) وعندي في قوله: (يرحمك الله) فإنَّه كالنَّصِّ على ذلك لِما في حديث سَلَمَة بن الأَكْوَع عند البخاريِّ: (لمَّا قالَ النَّبيُّ صلعم لعامر بن الأكوع: يرحمه الله قال رَجُل مِنَ القَوم: وَجَبَت يَا نَبِيَّ الله، لولا أَمْتَعْتَنا [به]) وهكذا في العرف لفظ المرحوم يختصُّ بالميِّت. /


[1] في (المطبوع): ((دلالته)).
[2] قوله: ((فيه)) ليس في (المطبوع).