الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما يكون من الظن

          ░59▒ (باب: ما يكون في الظَّنِّ)
          كذا في «النُّسخ الهنديَّة»، وفي «نسخة العينيِّ والقَسْطَلَّانيِّ»: <ما يكون مِنَ الظَّنِّ>، وفي «نسخة الحافظ»: <باب(1): ما يجوز مِنَ الظَّنِّ>.
          قالَ الحافظُ: كذا للنَّسَفيِّ ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ وكذا في ابن بطَّالٍ، وفي رواية القابسيِّ والجُرْجانيِّ: <ما يُكرَه> وللباقين: <ما يكون>، والأوَّل أليقُ بسياق الحديث. انتهى.
          ولم يتعرَّض الشُّرَّاح لِما في «النُّسخ الهنديَّة» بلفظ <في> بدل (من) وتعرَّض له الشَّيخ قُدِّس سِرُّه في «اللَّامع» إذ قال: لعلَّ المعنى: هذا باب بيان جواز إظهار ما في ظنِّ الرَّجل، أو المعنى: باب ما يكون في الظَّنِّ مِنْ جواز أو كراهة أو حرمة، فالظَّنُّ الظَّاهر دليله جائز كما هو ظاهر الحديث، والظَّنُّ الَّذِي ليس عليه قَرينة وفيه إساءة ظنٍّ بالآخر لا يجوز، وهذا على نسخة <في> وأمَّا على نسخة <مِنْ> فالمعنى: باب بيان الظَّنِّ، فإنَّ كلمة (مِنْ) بيان لـ(ما) والله تعالى أعلم. انتهى.
          ولله درُّ الشَّيخ قُدِّس سِرُّه فإنَّه قد أجاد في شرح ألفاظ التَّرجمة على كلتا النُّسختين.
          ثمَّ قالَ الحافظُ بعد ذكر حديث الباب قيل: الحديث لا يطابق التَّرجمة، لأنَّ في التَّرجمة إثباتَ الظَّنِّ وفي الحديث نَفْيَ الظَّنِّ، والجواب: أنَّ النَّفي في الحديث لظنِّ النَّفي لا لنفي الظَّنِّ، فلا تنافيَ بينه وبين التَّرجمة، وحاصل التَّرجمة أنَّ مثل هذا الَّذِي وقع في الحديث ليس مِنَ الظَّنِّ المنهيِّ عنه لأنَّه في مقام التَّحذير مِنْ مِثلِ مَنْ قال: حاله كحال الرَّجلين، والنَّهي إنَّما هو عن الظَّنِّ السَّوء بالمسلم السَّالم في دينه وعرضه. انتهى.
          زاد العلَّامةُ العينيُّ بعد حكاية هذا الجواب: وقالَ الكَرْمانيُّ: العرف في قول القائل: ما أظنُّ زيدًا في الدَّار: أظنُّه ليس في الدَّار، قلت: هو حاصل الجواب المذكور. انتهى.


[1] قوله: ((باب)) ليس في (المطبوع).