الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الهجرة

          ░62▒ (باب: الهِجْرَة)
          بكسر الهاء وسكون الجيم، أي: ترك الشَّخص مكالَمَتَه الآخر إذا تلاقيا، وهي في الأصل: التَّرك، فعلًا كان أو قولًا، وليس المراد بها مفارقة الوطن، فإنَّ تلك تقدَّم حكمُها.
          قالَ النَّوويُّ: قال العلماء: تحرم الهجرة بين المسلمين أكثر مِنْ ثلاث ليالٍ بالنَّصِّ، وتباح في الثَّلاث بالمفهوم، وإنَّما عُفي عنه في ذلك لأنَّ الآدميَّ مجبول على الغضب، فسُومح بذلك القدْر ليرجع ويزول ذلك العارض. وقال أبو العبَّاس القُرْطُبيُّ: المعتبر ثلاث ليال حَتَّى لو بدأ بالهجرة في أثناء النَّهار ألغي البعض، وتعتبر ليلة ذلك اليوم وينقضي العفو بانقضاء اللَّيلة الثَّالثة.
          قالَ الحافظُ: وفي الجزم باعتبار اللَّيالي دون الأيَّام جمود، وقد مضى في (باب: ما نُهي عن التَّحاسد) في حديث أبي أيُّوب بلفظ: (ثلاثة أيَّام) فالمعتمد أنَّ المرخَّص فيه ثلاثة أيَّام بلياليها... إلى آخر ما ذكر.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: تزول الهجرة بمجرَّد السَّلام وردِّه عند الأكثرين، وقال الإمام أحمد: لا يبرأ مِنَ الهجرة إلَّا بعوده إلى الحال الَّتي كان عليها أوَّلًا. انتهى.